الرسول من حيث إن معرفة الرسول [تنبني] على معرفة المرسل مع أنها مستقلة بنفسها غير مبنية على شيء آخر، أو لم يكن كذلك بل معرفته أيضًا مبنية على معرفة شيء آخر كمعرفة الرسول فإنها أصل لمعرفة الشريعة، وليست معرفته مستقلة بنفسها بل هي مبنية على معرفة الله تعالى من جنسه كما تقدم.

وثانيهما: كونه بحيث لا تتوقف معرفته على معرفة شيء آخر من جنسه سواء توقف معرفة غيره من جنسه عليه أم لم يتوقف.

مثال الأول: معرفة تحريم الربا في الأشياء الأربعة فإنه يقال: الأصل في تحريم الربا في المطعومات إنما هو الأشياء الأربعة.

مثال الثاني: تحريم الربا في النقدين، وهذان الاعتباران حاصلان في المحل معًا، فإنه يتوقف معرفة حكمه وحكم غيره على معرفته، ولا يتوقف معرفته على معرفة شيء آخر فكان أصلًا.

وثانيهما: أنه لو لم يكن الأصل هو البر لكان الأصل إما حكمه أو النص الدال عليه لئلا يلزم قول آخر لم يقل به أحد لكنهما باطلان.

أما الأول: فلأن المحل موصوف والحكم صفة له فيكون تابعًا له فيكون تسمية المحل الموصوف به الأصل أولى من تسميته به.

وأما الثاني: فلأنا لو فرضنا كوننا عالمين بحرمة الربا في البر بالضرورة، أو بالدليل العقلي لأمكننا أن نفرع عليه حكم الذرة تفريعًا قياسيًا، ولو فرضنا أن النص دل على الحكم من غير تخصيص بصورة خاصة لم يمكن أن نفرع عليه الحكم تفريعًا قياسيًا، وإن أمكن ذلك تفريعًا نصيًا.

وإذا كان كذلك لم يكن النص أصلًا للقياس، وإذا بطل هذان القولان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015