فيما رووه من الأخبار، وإذا كان كذلك كان عملهم بذلك الأخبار إما بناء على القطع بصدقهم وإما بناء على الظن الأقوى بصدقهم، وعلى التقديرين لا يلزم منه وجوب العمل به أو جوازه لنا.
لا يقال: من قال بحجية نوع منها في زمان ما قال بحجية كل أنواعه في كل الزمان، ومن لم يقل به لم يقل بذلك، فالقول بالفصل قول لم يقل به أحد.
لأنا نقول: لا نسلم أنه قول لم يقل به أحد، ومن أين لنا طريق إلى حصول العلم أو الظن به؟
وهذا لأن العلماء تفرقوا في مشارق الأرض ومغاربها، فمن أين يحصل العلم بأنه قول لم يقل به أحد؟ وإنما يمكن حصول العلم بمثل هذا في زمان الصحابة - رضي الله عنهم -، فأما بعدهم فلا.
سلمناه لكنه إجماع ظني، والمسلك على ما تزعمونه قطعي، فلا يجوز إثبات مقدماته به.
الجواب عن الأول: أنا ندعي العلم الضروري به؛ وهذا فإن من خالط أهل الأخبار، وطالع كتبها اضطر إلى العلم به، كما سمع الأخبار الواردة في شجاعة علي، وسخاوة حاتم، فإنه يضطر إلى العلم به، وإن كان كل واحد من تلك الأخبار أحادا لا تفيد القطع، إلا أن القدر المشترك بينها متواتر من جهة المعنى فكذا ها هنا، فإنا نسلم أن كل واحد مما رويناه وغيره من هذا الباب، وإن كان آحادا لكن القدر المشترك بينها متواتر من جهة المعنى.
قوله: "الضرورة لا يختص بها قوم دون قوم مع المشاركة في طريقها.
قلنا: نعم، لكن لا نسلم أن الخصوم بأسرهم أنكروا ذلك، فإن منهم من اعترف بذلك، لكن زعم أن الإجماع ليس بحجة كالنظام، [وأما] الإمامية فليسوا بأسرهم مخالفين في هذه المسألة، فإن أبا جعفر الطوسي من الأصوليين،