وتصديق نفسه، وقد انتشر وتواتر من الواردين على المبعوث إليهم، بحيث كلهم علموا أنه ظهر بالحجاز من يدعي الرسالة لنفسه، ويدعو إلى الاعتراف بوجود الصانع، ووحدانيته، وبالبعث والنشور وتصديق نفسه، فهذا القدر كان معلوما لهم، وما كان الغرض من بعض الرسول إليهم آحادا تبليغ هذا القدر، ولا إثبات ما أمكن إثباته من هذا بالنقل كالبعث والنشور بقوله، لأن المطلوب فيه القطع والعلم، وقول الواحد غير مفيد وفاقا. وإنما كان يبعث إليهم المنبه على الأدلة العقلية على المطالب التي يستفاد منها، ويطلب المصير منهم إلى ذلك، وإعلامهم بما يلحقهم من الخزي والنكال في الدنيا والآخرة على تقدير استمرارهم على الكفر، وإنكارهم لما جاء به، ثم ليعلمهم أحكام ما جاء به إن اعترفوا به وليكون على بصيرة من حالهم أنهم آمنوا، أو لم يؤمنوا، ولا يمكن هذا الجواب فيما بعث لتعليم الأحكام برواية الأخبار؛ إذ لا يمكن ادعاء التواتر فيها، وليس فيها أدلة عقلية لينبههم عليها.
وأما الإجماع: فهو أن أكثر الصحابة عملوا بخبر الواحد، ولم يصدر من الباقين في ذلك إنكار فكان إجماعا.
أما الأول: فيدل عليه ما نقل عنهم بروايات مختلفة في الوقائع المختلفة الخارجة عن العد والإحصاء أنهم عملوا بخبر الواحد، وكانوا يفزعون إليه في الوقائع، ويتركون لأجله البراءة الأصلية، والقياس، ويرون العمل به، فمن ذلك: