أحدها: وهو المنقدح جدا وهو: أن الصدق والكذب نوعا الخبر؛ لأن مطلق الخبر ينقسم إليهما فقط كما هو رأي الأكثرية، أو إليهما وإلى غيرهما كما هو رأي الجاحظ. وعلى التقديرين فهما نوعا الخبر فلا يمكن معرفتهما إلا بعد معرفة مطلق الخبر، ضرورة أنه لا يمكن معرفة النوع إلا بعد معرفة الجنس فلو عرف مطلق الخبر بهما لزم الدور.
وهو بعينه وارد على العبارة الثانية أيضا، ويختص بزائد؛ لأن التصديق والتكذيب عبارة: عن الإخبار عن كون الخبر صدقا وكذبا، فقولنا: الخبر ما يدخله التصديق والتكذيب جار مجرى قولنا: الخبر هو الذي يجوز الإخبار عنه بأنه صدق أو كذب فيكون ذلك تعريفا للخبر بالإخبار الذي لا يعرف إلا بعد موافقة الخبر وبالصدق والكذب.
وثانيهما: أنه مشعر بحصول الصدق والكذب معا في خبر واحد وهو محال.
وأجيب عنه: أن المراد من الواو: أو وهو التردد بين الأمرين، فاعترض عليه بأنه للإبهام، والحد للإيضاح، والجمع بينهما متناقض. وبأن خبر الله وخبر رسوله غير متردد بينهما بل هو متعين للصدق.
فأجيب عن الأول: بأن المراد منه: أن ما يدخله أحدهما فهو خير جزما، وهذا لا تردد فيه، وإنما التردد في إتصافه بأحدهما عينا، وهو غير مأخوذ في الحد، وإنما المأخوذ هو الاعتبار الأول، لا غير فلا منافاة بينهما.