وهو ضعيف، إذ لا نزاع في أنه تعالى إذا أخبر عن عدالتهم تكون عدالتهم ثابتة، وإنما الكلام في أن العدالة هل تقتضي المنع من الصغائر أم لا؟ وما ذكره لا يفيده، ثم الذي يدل على أنه لا يمنع من تجويز الصغائر أن الفرق بين العصمة والعدالة معلوم، فلو اقتضت العدالة المنع من الصغائر والكبائر لما بقى بينهم فرق.
فإن قلت: الفرق بينهما: أن العصمة تمنع من التجويز، والعدالة لا تمنع منه وإنما تمنع من الوقوع.
قلت: من يقول بأن الإجماع حجة لا يجوز منهم صدور الخطأ إلا أنه لا يقع منهم مع جواز أن يقع ذلك منهم.
وأيضًا: لو كانت الصغائر تقدح في العدالة لقدحت في عدول القضاة، إذ العدالة غير مختلفة بالنسبة إلى كل الأمة وإلى بعضها.
وما قال الإمام في دفع هذا وهو "أنه لا اطلاع للقضاة على بواطن الأمور فلا جرم اكتفى بالعدالة الظاهرة، بخلاف الله تعالى فإنه عالم بظواهر الأمور وبواطنها، فإذا أطلق العدالة عليهم وجب أن يكونوا عدولاً في كل شيء".
فليس بدافع، لأنه مبني على أن العدالة الظاهرة والباطنة تمنع من الذنوب كلها صغائرها وكبائرها وهو ممنوع لما سبق، وأيضًا [العدالة إذ لم تثبت باطنًا لم تمنع من الكبائر أيضًا فلا معنى لجعل] العدالة الظاهرة مانعة من الكبائر دون الصغائر.
واعلم أنه يمكن تقرير الدلالة على أن العدالة متى تحققت وجب أن تمنع من المعاصي كلها، بأن يقال: