وهو أيضًا ضعيف؛ لأنا نختار من جملة الأقسام المذكورة أنه كان التوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين لمفسدة متعلقة به لكن بشرط وجود المشاقة.
وقوله في الدلالة على فساده: فذكر المشاقة كاف في التوعد من غير حاجة إلى قوله {ويتبع غير سبيل المؤمنين} ممنوع، وهذا لأنه إنما يكون كاف لو كانت المشاقة مستقلة باقتضاء تلك المفسدة، وأما إذا لم تكن مستقلة بذلك فلا، ولو عنى بقوله: فالمفسدة في اتباع غير سبيل المؤمنين إما أن يكون من جهة مشاقة الرسول، أو لا من جهتها أن تكون المشاقة مستقلة باقتضاء تلك المفسدة منعنا القسم الثاني، وهو أنه يلزم التواعد على اتباع غير سبيل المؤمنين بدون المشاقة إذ لا يلزم من استقلالها أن لا يكون لها مدخل في تحقق المفسدة المتعلقة باتباع غير سبيل المؤمنين.
والأولى في ذلك وجهان:
أحدهما: أن مشاقة الرسول من جملة غير سبيل المؤمنين، فلو كانت شرطًا في حرمة اتباع غير سبيل المؤمنين لزم أن تكون حرمة الشيء مشروطًا بوقوعه وهو مناقض للمعنى المقصود من التحريم، فإن المقصود من تحريم الشيء منع إدخاله في الوجود، ولأن الفعل بعد ما وجد لم يبق متعلق التكليف وفاقًا وكونه محرمًا بعده يقتضي ذلك فالجمع بينهما متناقض.
لا يقال: ما ذكرتم إنما يلزم لو كانت حرمة المشاقة منحصرة في جهة كونها غير سبيل المؤمنين لكنه ليس كذلك ليس كذلك؛ لأنها محرمة لخصوص جهة المشاقة أيضًا، وحرمتها بهذا الاعتبار غير مشروطة لوقوع نفسها فلا يلزم ما ذكرتم من المحذورين؛ لأنا نقول: نحن ما ادعينا أنه يلزم أن لا تحرم المشاقة إلا بعد