غيرهم عن لم يتبع سبيلهم فقد اتبع سبيل غير المؤمنين.
قلت: أما الأول، فباطل؛ لأنا أجمعنا على أن غير موضوعة للصفة فجعله بمعنى إلا إن كان على وجه الحقيقة لزم الاشتراك وأنه خلاف الأصل، وإن كان على وجه التجوز لزم المجاز، وأنه أيضًا خلاف الأصل، فوجب أن يكون مستعملاً في موضوعه.
وقوله في الدلالة على امتناعه: أنه لو كان بمعنى الصفة لزم تحريم متابعة سبيل غير المؤمنين، ويلزم من ذلك أن الأمة إذا أجمعت على إباحة فعل من الأفعال أن يحرم على المكلف أن يقول بحظره أو بوجوبه والمخالف لا يقول به، قلنا: لزوم الاحتمال المذكور الذي لا يقول به الخصم على التقديرين أعنى أن تكون غير بمعنى الصفة، أو بمعنى إلا على السواء؛ لأن المعنى الثاني أخص من المعنى الأول، وكل ما دل عليه العام دل عليه الخاص، فإن كان كون الخصم لا يقول به دل على فساده [فليدل على فساد الاحتمال الثاني أيضًا لأنه لا] يقول به الخصم على هذا التقدير، وإن ذكر ذلك على وجه الإلزام فلا يصح؛ لأن كون الخصم لا يقول باحتمال قادح في استدلال المستدل لا يدل على فساده إلا إذا اعتبر من حيث أنه قول لم يقل به أحد، وهو تمسك بالإجماع فيكون إثباتًا للإجماع بإجماع أضعف منه.
وأما الثاني فلا نسلم أن عدم اتباع سبيل المؤمنين اتباع لسبيل غير المؤمنين وإن كان ذلك سبيلاً لغير المؤمنين؛ وهذا لأن الاتباع عبارة عن: أن يأتي بمثل فعل الغير لأجل أن ذلك الغير أتى به، فمن لا يتبع سبيل المؤمنين لأجل أن غير المؤمنين لا يتبعونهم كان متبعًا لهم.