سلمنا حرمة كل واحد من سبيل غير المؤمنين. لكن لم قلت: إنه يلزم منه وجوب اتباع سبيل المؤمنين؟
فإن قلت ذلك بناء على أنه لا واسطة بين اتباع غير سبيل المؤمنين، وبين اتباع سبيلهم حتى يلزم من حرمة اتباع غير سبيلهم وجوب اتباع سبيلهم فممنوع، وهذا لأن عدم الاتباع واسطة
و [إن] قلت بناء على مفهوم الخطاب، فلا نسلم أن مفهومه التواعد على عدم اتباع سبيل المؤمنين، بل مفهومه عدم التواعد على اتباع سبيلهم، وذلك لا يستلزم وجوب اتباع سبيلهم، وفرق بين التواعد على عدم الشيء وبين عدم التواعد على الشيء، فإن الأول يستلزم الوجوب دون الثاني.
سلمنا أن مفهومه يدل عليه لكن لا نسلم أنه حجة
فإن قلت: إنا لم نقل ذلك بناء على المفهوم بل بناء على أنه لا واسطة بينهما، والدليل على ذلك وجهان
أحدهما: أن غير هاهنا بمعنى إلا، لا بمعنى الصفة، إذ لو كان بمعنى الصفة لزم تحريم متابعة سبيل غير المؤمنين، ويلزم من ذلك أن الأمة إذا أجمعت على إباحة فعل من الأفعال أن يحرم على المكلف أن يقول بحظره، أو وجوبه، والمخالف لا يقول بذلك، وإذا كان غير بمعنى إلا يصير تقدير الآية. ومن يشاقق الرسول ولا يتبع سبيل المؤمنين، وحينئذ يكون التوعد على عدم متابعة سبيل المؤمنين، ويلزم منه وجوب اتباع سبيلهم ضرورة أنه لا واسطة بين عدم الاتباع والاتباع
وثانيهما: أنا وإن سلمنا أن غير للصفة، لكن نقول عدم اتباع سبيل المؤمنين اتباع لسبيل غيرهم؛ لأن غير المؤمنين لا يتبع سبيلهم فيكون ذلك سبيل