علينا الحكم بشهادة شاهد واحد ويمين على التخيير، هل يكون ذلك نسخًا للنص الدال على الحكم الأول حتى لا يقبل فيه المظنون إذا كان هو مقطوعًا به.
اختلفوا فيه: والحق، أنه ليس بنسخ، لأنه لم يرفع ما دل عليه الإيجاب الأول: وهو ترتب العقاب على ترك ما أوجبه فإنه يعاقب على تركه إذ ذاك على بعض الوجوه.
وإنما يزول إذ ذاك ترتب العقاب على تركه عينًا وهو تابع لحكم عقلي، وترتب العقاب على تركه أعم من أن يكون على تركه عينًا أو لا يكون على تركه عينًا، بل على بعض الوجوه، والدال على القدر المشترك لا دلالة له على ما به الامتياز، وحيث يعلم ترتب العقاب على ترك الواجب بعينه، فإنما يعلم ذلك لأنه لم يجب غيره لا لدلالة الإيجاب عليه وهو حكم عقلي بارتفاع العقاب على تركه عبثًا تابع لارتفاع حكم عقلي وإيجاب شيء آخر إنما يرفع هذا الحكم العقلي لا غير فإذا ارتفع الأصل ارتفع ما هو تبع له فلم يكن يجاب شيء آخر بعد إيجابه نسخًا له، وعلى هذا الكلام فيما إذا كان الواجب شيئين على التخيير ثم أوجب شيء ثالث.
والعجب من الحنفية أنهم لم يقبلوا خبر الواحد في وجوب الحكم بالشاهد واليمين لزعمهم أنه نسخ لقوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} مع أنه ليس فيه سوى زيادة التخيير التي لا يدل عليها النص لا بنفي ولا إثبات، وقبلوا خبر نبيذ التمر مع أنه