احتج القائلون بالحصر بوجهين:
أحدهما: إنما ندرك التفرقة بين قول: القائل: زيد صديقي، وبين قوله: صديقي زيد، وبين قوله: التكبير تحريمها، والتسليم/ (335/ب) تحليلها، بين قوله: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) ولولا أن الثاني يفيد الحصر لما حصلت التفرقة بينهما، لأن كل من قال بالتفرقة بينهما قال: إن تلك التفرقة بإفادة الحصر وعدم إفادته فالقول بحصول التفرقة مع أن تلك التفرقة غير ما ذكرناه من إفادة الحصر، وعدم إفادته قول لم يقل به أحد.
وثانيهما: أنه لو لم يفد الحصر، لزم أن يكون المبتدأ أعم من الخبر، لأن قولنا: صديقي، مبتدأ وقولنا: زيد، وخبره في قولنا: صديقي زيد، لأن المعرفتين إذا اجتمعتا فأيهما قدمت فهي المبتدأ فلو لم تنحصر الصداقة في زيد، لزم أن يكون المبتدأ أعم من الخبر، وهو باطل إذ لا يجوز أن يقال: الحيوان إنسان، والإنسان زيد.
فإن قلت: إنما يلزم ما ذكرتم أن لو كان، قوله: [صديقي] زيد يفيد العموم، أما بتقدير أن لا يفيد ذلك لم يلزم ما ذكرتم من المحذور، لأنه يصير تقديم الكلام بعض أصدقائي زيد، ومعلوم أن هذا لا يفيد الحصر، فكذا ما هو في تقديره، وهذا التقدير بعينه في قوله: تحريمها التكبير وتحليلها التسليم.