وثالثها: أن الرجل إذا قال: "لا تعط" زيدًا درهما حتى/ (332/ب) "يقوم" واضرب عمرًا حتى يتوب، فهم منه الأمر بالإعطاء عند القيام وترك الضرب عند التوبة ولهذا يستقبح الاستفهام عنهما "بعدهما ولو لم يفهما لم قبح الاستفهام عنهما".

فإن قلت: الملازمة ممنوعة، وهذا لأنه يجوز أن يكون قبح الاستفهام لأجل أنه مسكوت عنه غير متعرض للنفي والإثبات فقبح، كما قبل الأمر بالإعطاء والضرب، فإنه إذا قال: ابتداء هل أعطي زيدًا درهما "إذا قام" وهل ترك الضرب عن عمر؟ إذا تاب قبح ذلك.

قلت: الدليل على أن قبح الاستفهام، إنما كان لأجل أنهما فهما من الكلام، لا لأجل ما ذكرتم، هو أن الاستفهام عن الشيء قد يحسن لوجود ما يوهم وجوده، والتقييد بالغاية إن لم يكن مقتضيًا لضد الحكم السابق فلاشك أنه موهم له، فكان ينبغي أن يحسن بخلاف ما قبل الأمر، فإنه لم يوجد هناك ما يوهم الإعطاء والضرب وتركه حتى يحسن الاستفهام عنهما ولما لم يحسن دل على أنه إنما قبح لأنه مقتضى للحصول وأنه غير متردد فيه.

احتجوا بوجهين:

أحدهما: أنه لو دل تقييد الحكم بالغاية المحدودة على نفي الحكم عما بعد الغاية، فإنما يدل لأنه لابد للتقييد من فائدة، وإلا لكان التقييد بالغاية عبثًا إذ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015