المقصود، فيكون تقدير الكلام فيما ذكرنا من المثالين، ولا تقربوهن حتى يطهرن فاقربوهن وحتى تنكح زوجًا غيره فتحل، وإذا ثبت ذلك في هذه الصورة ثبت في غيرها لعدم القائل بالفصل.
فإن قلت: لا نسلم أنه ليس في العقل ما يدل على تعيين إضمار غير ضد الكلام، وهذا لأن إضمار كونه مسكوتًا عنه إذ ذاك مما يدل عليه العقل، وذلك لأن العقل دل على أنه لا حكم قبل الخطاب، فإذا ورد الخطاب مثبتًا للحكم إلى حصول وصف، أو إلى زمان، أو إلى مكان، وجب أن يبقى ما بعد ذلك الزمان والمكان على حكم الأصل، فيكون مسكوتًا عنه، فإضماره مما دل عليه العقل.
قلت: هب أن إضمار كونه مسكوتًا عنه مما دل عليه العقل بالطريق الذي ذكرتم، لكن نقول: إن إضمار "ضد" الحكم المذكور أولى.
أما أولًا: فلأنه أكثر فائدة، وأما ثانيًا: فلأنه مشعور به من جهة اللفظ والإضمار حكم لفظي، فيكون إضماره أولى.
وأما ثالثًا: فلأن الذهن مبادر إلى فهمه عند الإطلاق، كما سيأتي.
وثانيها: أن غاية الشيء، نهاية الشيء، ونهاية الشيء منقطعة وإنما يكون ما بعد الغاية منقطعًا، إن لو لم يكن الحكم ثابتًا فيه، فإن بتقدير أن يكون الحكم ثابتًا فيه، لم يكن منقطع الحكم فلم يتحقق مفهوم الغاية، وهو خلاف ظاهر التسمية، ولا يدفع بأن الحكم لو ثبت فإنما يثبت بخطاب آخر لا بالأول لأنه ليس غاية مقيدة، بل هي غاية للحكم على الإطلاق.