احتج المجوزون: بأن معرفة الأحكام إنما تجب بوجوب العمل بها، ولهذا لم يجب معرفة الأحكام التي لا يجب العمل بها، ولا عمل قبل الوقت فلا يجب معرفتها قبله، فلا يجب على النبي عليه السلام تبليغها إذ ذاك، غذ الأصل عدم علة أخرى لأجلها يجب، ولأنه يحتمل أن يعلم الله تعالى في التقديم مفسدة وفي التأخير مصلحة، وحينئذ يكون الواجب هو التأخير] ويحتمل أن يعلم أن في التقديم مصلحة وفي التأخير مفسدة، وحينئذ يكون الواجب هو التقديم [، ويحتمل أن يعلم أن الأمرين على السوية، وحينئذ لا يكون التقديم واجبا أيضا: إذ الوجوب لا لمصلحة عبث غير جائز، وبتقدير أن يكون جائزا لكنه خلاف الأصل، فعدم وجوب التقديم يتحقق على احتمالين ووجوبه يتحقق على احتمال واحد، ولا شك أن وقوع احتمال من احتمالين أغلب على الظن من وقوع احتمال واحد بعينه فعدم وجوب التقديم أغلب على الظن، ولا نعني بكون التقديم غير واجب سوى هذا، وأما مصلحة التوطين والتهيئ والعزم فبتقدير خلوها عن المعارض فمن لا يقتضي الوجوب، وإلا لجاز نسخ الشيء قبل حضور وقت العمل به، وهو غير جائز باتفاق بيننا.