المسألة الخامسة
[في جواز التدرج في البيان]
القائلون بجواز تاخير البيان إلى وقت الحاجة، اختلفوا في جواز التدريج في البيان.
فذهب المعظم منهم إلى جوازه، لأن الأدلة التي تدل على جواز تأخير كل بيان إلى وقت الحاجة، تدل على جواز تأخير بعضه إليه قطعا، فعدم الجواز لو ثبت فإنما ثبت لدليل آخر يدل على انتفائه، وذلك قول بالتعارض وإنه خلاف الأصل، فالقول بعدم جواز تأخير البعض المستلزم لذلك أيضا خلاف الأصل، ولأنه إذا جاز تأخير كل البيان مع أن الجهالة فيه أكثر، فلأن "يجوز" تأخير بعضه مع أن الجهالة فيه أقل بطريق الأولى، وما يذكرونه من المانع سنجيب عنه، والأصل عدم مانع آخر، ولأنه وقع ذلك وهو دليل الجواز وزيادة، روى أنه لما نزل قوله تعالى:} ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا {سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاستطاعة فقال: "الزاد والراحلة"، ولم يتعرض في هذا الحديث لأمن الطريق والسلامة عن طلب