وجوابه: منع الملازمة، وهذا لأن الفرق بين مخاطبة العربي بالزنجية، "وبين الصورتين المتنازعتين حاصل، أما بين مخاطبة "العربي" بالزنجية" وبين مخاطبته بما له ظاهر ويعني به غير ظاهره، فلأن الظاهر يشترط عدم ورود التخصيص مفهوم منه من جهة اللفظ، وهو ليس بجهل ولا ظن كاذب، بل هو مطابق لما هو الواقع في نفس الأمر بخلاف مخاطبة العربي بالزنجية، فإنه لا يفهم منه شيء من جهة اللفظ.
وبهذا تعرف أيضا اندفاع ما ذكروه من الأولوية، وأما بينه وبين الخطاب بالمجمل فالفرق المذكور، قوله عليه إنه اعتبر في جنس الخطاب معرفة المراد ولو من بعض الوجوه وجب أن يحسن مخاطبة العربي بالزنجية إذ العربي أيضا يعرف أنه يريد به أحد أنواع الكلام.
قلنا: لا نسلم أنه يعرف ذلك فإن العربي إذا لم يعرف حكمه الزنجي، بل يجوز أن يكون ممن يهدي ويغيث فإنه لا يعرف إذ ذاك أنه يريد بما أتى به من الألفاظ أحد أنواع الكلام، بل لو عرف ذلك فإنما يعرف من حكمته لا من جهة دلالة اللفظ عليه، والمعتبر في حسن الخطاب إنما هو أن يفيد شيئا بالنسبة إلى فهم المخاطب من جهة الوضع أو بواسطته، وهذا حاصل في الخطاب بالمجمل من غير بيان المراد منه عينا، وغير حاصل في الخطاب بالزنجية فلا يلزم من حسنه حسنه / (310/أ).