حتى لا يستفاد بالنهي الوارد عن الصوم في أيام النحر وأيام التشريق "صحة" الصوم في هذه الأيام، لاحتمال أن يكون المراد هو: الصوم اللغوي، فلا يدل ذلك على صحة الصوم الشرعي في هذه الأيام، ولو كان المراد منه الصوم الشرعي، دل ذلك على إمكان الصوم الشرعي في هذه الأيام، إذ النهي عن الممتنع ممتنع، إذ يقال للأعمى لا تبصر، ولا للزمن لا تمش.
واعلم أن ما ذهب إليه القاضي أبو بكر رحمه الله تعالى ضعيف لا يظهر له مأخذ، إلا أن يفرض أن المسمى الشرعي ما صار بحيث ينسخ المسمى اللغوي، وجعله مجازا فيه لا يفهم من اللفظ إلا بقرينة، بل يتردد الذهن بينه وبين المسمى الشرعي عند سماع ذلك اللفظ، لتعادلهما، كما في المشترك، فأما إذا فرض بحيث يتبادر إلى الفهم عند سماع اللفظ من الشارع، أو من جملة الشرع وصار المسمى اللغوي بسببه منسوخا لا يفهم منه إلا لقرينة فلا، لأن تبادره إلى الفهم مع أن الغالب من الشارع في الألفاظ "التي" له فيها عرف إنما هو إطلاقها وإرادة معانيها الشرعية ينفي كونه مجملا، ولأن كونه عليه السلام مبعوثا لبيان الأحكام الشرعية يغلب على الظن حمل لفظه عليها.