تصح إلا بنية الفرض، ولا تعتبر نية الفرض قبل معرفة الفرض. بدليل أن من نوى فرض الظهر قبل العلم أو الظن بدخول وقته، فإنه لا تنعقد نيته، وهكذا التقرير في نية صوم يوم [من] رمضان، وإنما يستقيم فيه التقرير المذكور على وجه الإلزام، لو قال الخصم: بوجوب النية، وإلا فالتمسك بالإجماع فيه منعقد لحصول الخلاف فيه، فلو كان التمكن من الامتثال شرط تحقق الأمر لوجب أن لا تصح نية الفرض في شيء من الصلاوات المؤدات في أول الوقت، لأنه لا يعلم فرضيتها إلا بعد التمكن منها، فيكون قبل التمكن شاكًا في فرضيتها فلا تصح نيته كنية الشاك في حصول الوقت / (190/أ)، وأيضًا لو كان التمكن من الامتثال شرطًا لتحقق الأمر لم يتصور أداء العبادات المضيقة بنية امتثال الأمر، لأن فعلها قبل التمكن ليس امتثالاً للأمر، لعدم تحقق الأمر وبعده يفوت الوقت فيكون قضاء لا أداء، وهو أيضًا خلاف الإجماع.
فإن قلت: هذا الذي قبله غير لازم، لاحتمال أن يقال: إن ذلك بناء على الظن الغالب، فإن لغلبة الظن تأثيرًا في وجوب الشيء لا يخفى عليك صورة، فوجب اعتقاد أنه مأمور بشرائع الإسلام ومنهيًا عن المناهي، ووجوب نية فرض الصلاة والصوم مع عدم قطعه بوصوله إلى التمكن، إنما هو بسبب غلبة ظن بقائه إلى التمكن، وحينئذ لا يدل ما ذكرتم على المطلوب.
قلت: لا يجوز أن تكون تلك الأحكام من أهل الإجماع، بناء على الظن الغالب بوصول المكلف إلى التمكن، لأن الخطاب غير ممتنع في الظن الغالب، فجاز أن لا يطابق ظنهم بوصوله إلى التمكن وصوله إليه، وحينئذ يلزم أن يكون إجماعهم على الخطأ. وهو باطل.