واحتج الخصم: أن المأمور لابد وأن يكون قادرًا على المأمور به بحيث يصح منه الترك والفعل، ولا قدرة على الفعل حال الحدوث بالمعني المذكور، ضرورة أن الفعل واجب فيه، وحينئذ يلزم أن لا يكون المأمور مأمورًا حال الحدوث.
وجوابه: بعد تسليم المقدمة الأولى: مع أن فيه منعًا أنه بعينه يقتضي أن لا يكون مأمورًا قبله أيضًا، لأنه لا قدرة له على تحصيل الفعل حالة العدم، ضرورة أن الترك واجب فيه كما سبق.
فإن قلت: القدرة عليه حاصلة نظرًا إلى كونه ممكنًا وحصول شرائطه وارتفاع موانع التأثير وإنما امتنع لاعتبار لعدم فيه.
قلت: كذلك نقول: أيضًا في حالة الحدوث، من غير تفاوت أصلاً، فإن الحادث ممكن نظرًا إلى ذاته وحصول شرائطه وارتفاع موانعه، وإنما جاء الوجوب نظرًا إلى اعتبار الوجود فيه، فإن الشيء إذا كان موجودًا، أو في حالة الوجوب كان واجب الوجود لا محالة.