فإن قلت: لو أوجبت القدرة الحادثة من حيث إنها قدرة أن تكون مقارنة للمقدور، لأوجبت القدرة القديمة ذلك أيضًا، ضرورة أنه لا فرق بينهما من حيث القدرة، وحينئذ يلزم قدم العالم، وهو باطل.
أما أولاً: فبالاتفاق.
وأما ثانيًا: فلاستحالة كون المقدور قديمًا.
قلت: لا نسلم أنه لا فرق بينهما، وهذا فإن القدرة الحادثة عندنا بمعني الكسب، والقدرة القديمة بمعني الخلق والاختراع، وهما معنيان متغايران واقتضاء أحد المفهومين المختلفين بحكم لا يوجد اقتضاء الآخر إياه غاية ما في الأمر أن اللفظ الدال عليهما واحد، ومعلوم أن عدم الافتراق في ذلك غير موجب لعدم الاقتران في الحكم، لأنه يجوز أن يقتضي أحد مدلولي اللفظ حكمًا ولم يقتض مدلوله الآخر، لما أنهما مختلفان ولو سلم أنهما بمعني الخلق والاختراع على ما / (188/أ) هو رأي الخصم، لكن لا نزاع في أن القدرة القديمة، يصح منها خلق ما لا يصح من القدرة الحادثة، وكذا بالعكس على رأي بعضهم وذلك يدل على أنهما متغايران لوجوب تساوي المتماثلان في جميع الاقتضاءات الذاتية.