ثم نَجري على عادتنا في نقل ما ذكره المعتبرون من أئمة المذهب، ثم ننعطف على المنقول بالبحث.

قال الأئمة في الطرق: لا بد من مترجمَيْن؛ فإنهما ينقلان أقوال المتداعِيَيْن إلى القاضي، فكانا بمثابة الشاهدَيْن.

ولو كان بالقاضي وَقْر وطرش، وقد لا يسمع في مجلسه كلام المتداعِيَيْن الجالسَيْن [بدنو] (?) منه، فلا بد من المُسْمِع.

11900 - ثم اختلف الأصحاب في اشتراط العدد فيما ذكره القاضي، فقال بعضهم: لا بد من اثنين كالترجمان، والثاني يُكْتَفى بمُسمع واحد، لأنه لو غيّر المسمع بالزيادة والنقصان، لاعترض عليه الخصمان. فإن كان أحد الخصمين أصم، اكتفى بمسمع واحد على هذا الوجه؛ لأنه لو غيّر والقاضي سميع، لأنكر عليه القاضي، وإن كانوا كلهم -الخصمان والقاضي- صُمّاً، فلا بد من مسمعَين.

وهذا كلام مختلط، فيجب أن نعتقد أن المترجم كالمُسْمِع قطعاً؛ فإن كل واحد منهما ناقلٌ للقاضي: أحدهما ينقل معنى اللفظ، والثاني ينقل اللفظَ بعينه، فلا معنى للقطع باشتراط العدد في الترجمان وترديد الخلاف في المسمع، بل الوجه أن نقول: إن كان الخصمان عارفين بالعربية لا يغيب عنهما مُدْرَكُها، ولكنهما لا يحسنان النظم؛ فهذا بمثابة ما لو كان الخصمان سميعين والقاضي أُطروشٌ (?)، والحكم في الصورتين أن القاضي إذا احتاج إلى التلقي من المتوسط بالترجمة أو الإسماع والخصمان مُدركان؛ فالوجه أنهما إذا أدركا ما جرى، [وقرّرا] (?) المترجِمَ، كفى

مترجم واحد، وحق القاضي أن يعتمد تقريرهما، ولو استظهر بإشارتهما، فحسن.

وأطلق الأصحاب ذكر الوجهين في هذا المقام التفاتاً إلى قاعدة التعبد بالعدد، وهذا لا وجه له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015