هديٌ، فخروج هذا على أصل القولين ظاهرٌ بيّنٌ: من اعتبر اللفظ لم يوجب حيواناً مجزئاً في الضحايا؛ بل اكتفى بأقل المَنْح من أي جنس كان من أجناس الأموال، ومن اعتبر الشرعَ وحكمَه، أَلزم بمطلق هذا اللفظ شاةً؛ فإن أقلَّ اسم الهدي الشرعي يتناول شاةً على السن المعتبر والسلامةِ المشروطة.

التفريع:

11864 - إن ألزمنا الناذر ما يجزىء في الضحايا، فالذي ذهب إليه الأكثرون أنه يجب تبليغه الحرم؛ فإن الضحايا في البلاد لا تسمى هدياً، والهديُ المطلق هو الذي مَحِلُّه الحرم، قال الله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95].

وفي كلام بعض الأصحاب على هذا القول ما يشير إلى أنه لا يجب تبليغُ المنذور الحرمَ ما لم يقع التصريحُ به؛ فإن دماء الحيوانات هي الواجبةُ شرعاً، ولا يجب تبليغُها الحرم، وهذا وهم؛ فإنا لا ننظر إلى الواجب شرعاً، وإنما ننظر إلى اللفظ الشائع في الشرع، والهدي ظاهر في ألفاظ الشرع في اقتضاء التبليغ إلى مكة.

وإن لم نُلزم بلفظ الهدي حيواناً، واكتفينا بأقل المَنْح أخذاً من الهدية، فقد قطع الأصحاب على ذلك بأنه لا يجب تبليغُه مكةَ، وكان شيخي في دروسه يقطع بأنه يجب تبليغه مكةَ، وهذا تناقض.

فأما إذا لم نعتبر جنس النَّعم في الهدي، فلأن لا نعتبر التبليغ -وهو تابع لجنس القرابين- أولى وأحرى، فلا [اعتداد] (?) بهذا إذاً.

11865 - ومما يليق بما نحن فيه أنه لو نذر أن يهدي ظبية، وصرح بتبليغها الحرم، وجب التبليغ، وهذا مما يجب العلمُ به على ثقة، فكل قُربة مالية التُزمت، وأضيفت إلى مكة، وجب تبليغها الحرمَ، ولا يختص ذلك بالقرابين.

ثم قال المحققون: إذا ذكر ظبية، لم يذبحها، ولكن تصدق بها حيّة؛ فإن الذبح يَنْقُصُها، وليس في ذبحها قُربة، وكذلك القول فيما عدا جنس النَّعم من الحيوانات.

وإذا قال: لله علي أن أهديَ بعيراً، وأوجبنا التبليغ، وجوزنا المعيب، فهل يكون كالظبية حتى لا يُنحر، بل يتصدق به حياً أم ينحر؟ فيه تردد للاصحاب: فمنهم من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015