وأما إذا أقام الشيخ (?) الزيارة مقام الصلاة والاعتكافَ، فقياسه أنه لو تصدق في مسجد المدينة، أو صام يوماًً أنه يخرج عن موجَب نذره، ويجوز أن يقال: الزيارة تنفصل عما ذكرناه لكون المزور في رقعة المسجد، فهو مختص من هذا الوجه.

ومما نفرعه في نذر إتيان المسجدين أنا إذا قلنا: يكفي الإتيان المجرد، فليت شعري- ماذا يقول صاحب هذا الوجه إذا أتى باب المسجد وانصرف؟ فإن قال: يكفيه ذلك، فهذا بعيد؛ فإن إتيان المسجد والانصراف عنه على هذا الوجه ليس بقربة، ولا يبعد أن يُلحق بأصناف العبث، وإن قال هذا القائل: لا بد من دخول المسجد، فالدخول من غير قصد الاعتكاف ليس بقربة، وقد ورد النهي عن [إطراق] (?) المساجد من غير حاجة، وإن شرط ضمَّ الاعتكاف، فقد أبطل قاعدة مذهبه في الاقتصار على إتيان المسجد، وتبين بهذا الخبط فسادُ أصل الوجه- ولا يبقى إلا أن يقول صاحب هذا الوجه الضعيف: إتيان المسجد تقرب وتبرك، واستجلاب يُمن، وهذا نازل منزلة زيارة العلماء، وهذا بعيد. وإن تعلق بقصد الاعتكاف، فقد صرح بنقض مذهبه.

ومما فرّعه الشيخ في الشرح أن قال: إذا أَلْزمنا إتيان المسجدَيْن بالندر، فلو نذر إتيان أحدهما ماشياً، ففي التزامه وجهان، بناهما الشيخ على التزام المشي قبل الميقات، ووجه البناء أن كلا المشيين وإن لم يقع في عبادة؛ فإنه واقع في القصد إلى بقعة معظمة.

ولو نذر أن يصلي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في مسجد إيلياء، فالذي قطع به المراوزة أن النذر مُلزِم قولاً واحداً؛ فإنه التزم قربة، وصرح بالتزامها، وضم إليها مزيّةً تُعظِّمُها، فكان ذلك كالتزام الجماعة في الصلاة المنذورة.

وذكر العراقيون ما ذكرناه، وطريقة أخرى - وهي إجراء القولين في هذه الصورة.

فهذا ما أردنا أن نذكره في سائر المساجد إذا نذر الناذر إتيانها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015