شراءً، وهذا لست أراه كذلك؛ فإنه شراء على الحقيقة مشتمل على الإيجاب والقبول، وثمنه الدَّين الذي في ذمة البائع، وغلبة اسم الصلح عليه بمثابة غلبة السلم والصرف.
ولو ملك ذلك المعين عن الاشتراك والتّولية، فالحاصل مشترىً عندي لا شك فيه؛ لأنه تملك اختياري مبني على الإيجاب والقبول، ولو أخذ طعاماً عن أجرة داره، فلست أراه مشترياً لبعد الإجارة وعوضها -في حكم اللسان والعرف- عن اسم البيع، وإن قال الشافعي: الإجارة صنف من البيوع.
وقد يليق بهذا المنتهى ذكرُ شيئين: أحدهما - أن يكون المعين وكيلاً في شراء الطعام لغيره أو موكِّلاً غيره بالشراء، وقد يشتري شراء فاسداً، والقول في هذين النوعين مذكور في أثناء الباب، فأخرناه.
11763 - ولو قال: لا آكل طعاماً اشتراه فلان، فاشترك فلان وفلان في ابتياع الطعام أو اشترى ذلك المعين طعاماً ثم خلطه بطعام اشتراه غيره خلطاً يتعذر الميْز معه، فهاتان الصورتان استدَّ فيهما المحققون، وتخبط طوائف من الأصحاب، فنذكر ما لا يجوز، غيره، ثم نذكر وجوه الخبط.
قال الشافعي وفقهاء أصحابه إذا اشترك فلان وفلان في الشراء، لم يحنث الحالف بالأكل، وإن أتى على جميع الطعام؛ فإنه لا يقال: إنه أكل طعاماً اشتراه فلان، بل لا ينص على جزء منه وإن قلّ قدره، فيقال: هذا مما اشتراه فلان، بل يقال في الكل والجزء: هذا طعام اشترى بعضه فلان، وموجب اليمين الامتناع عن طعام اشتراه فلان، فلا يكفي أن يقال: اشترى بعضه، وخالف أبو حنيفة (?)، فحنَّث الحالف بأكل جزء مما اشتراه فلان وفلان، وإن قل قدره، ووافق أنه إذا قال: لا أدخل داراً اشتراها فلان، فاشترك فلان وفلان في شرائها، لم يحنث الحالف بالدخول، ولا فرق، وإن تخيل الإنسان فرقاً ببوادر الوهم، [لم يستدّ] (?) له إذا تثبّت، هذا هو المذهب في هذه الصورة.