{لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] فهذا بين، فأما البيت، فهو في وضع اللغة حقيقةٌ في بيت الشعر وما في معناه، ومنه شبه الخليل بن أحمد (?) بيت الشِّعْر ببيت الشَّعَر وقطعه في العَروض على الأسباب والأوتاد، والفواصل والفواضل (?) المقرونة والمفروقة (?)، فشيوع البيت في الأخبية والخيام ظاهر في اللغة، وهو مأخوذ من بات يبيت، وهو الموضع الذي يبات فيه، فإذا تمهّد هذا في اللسان، فإذا أطلقه من يغلب منه إرادة بيت الشعر، فقد [اجتمع] (?) الوضعُ وغلبةُ الإرادة، فحمل مطلق اللفظ عليه.
وإذا نطق القروي، فحكم اللسان ما ذكرناه، ولكن الغالب أنه يريد بالبيت البيوتَ المعروفة المبنية، فإن نواها، نزل لفظه على نيته، وإن أطلق اللفظ، انقدح فيه مسلكان: أحدهما - أن يقال: لا يطلق اللفظ إلا عن قصد، ولعله ذَهل عنه بعد ما صدر منه، والقصد اللائق به الكلامُ على المتعالَم المتعارف في المكان الذي هو ساكنه، فعلى هذا يحمل على بيوت المدر.
والمسلك الثاني - أن يقال: إذا قال: لم يكن قصدٌ، فقد قصد إلى اللفظ، ولم يُنزله على شيء فأُخذ باللفظ ونحن إنما نُزيل وضعَ اللفظ بالقصد، فإذا لم يوجد منه قصد إلى ما يزيل اللفظ واللفظ صريح، كان مؤاخذاً باللفظ، وكأنه حلف على معنى اللفظ.
ولو قال الرجل: والله لا آكل ما يسمّى تفاحاً، وكان لا يدري التفاح، انعقدت يمينه على ما يُسمّى تفاحاً، وعلى هذا إذا قال: لا آكل اللحم، فلحم الحيتان خارج، والتحقيق أنه لحم، ولكنه خرج عن عرف اللسان وأحَدٌ لا يترك العرفَ في اليمين، ولكن الكلام في أن المرعي عرف اللفظ، أو عرف اللاّفظ.