أو غيره مطنَّباً (?)، حَنِث سواء كان بدوياً أو قروياً، إذا كان اللفظ مطلقاً، ولا نية للحالف " فدل كلامه على أن اسم البيت ينطلق على الخيام والأخبيةِ وبيوتِ الشعر والكِرباس انطلاقه على البيوت المبنية، واستشهد في بعض مجاري كلامه بقوله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا} [النحل: 80]، أراد البيوت التي تضرب من الأدَمِ، هذا كلام الشافعي، وبيان ظاهره، وبيان ادعائه أن اسم البيت ينطلق على هذه الأصناف.
واضطرب أصحابنا بعد ذلك، وحاصل ما قالوه يحصره ما نصفه إن شاء الله تعالى، قالوا: إن كان الحالف بدوياً، فالأمر على ما ذكره الشافعي سواء حلف في البادية أو حلف في القرى والبلاد؛ فإنه لا يطلق لفظه إلا ويعنى به التعميم، ولا نشك أن اسم البيت في حقيقة اللغة ينطلق على جميع هذه الأجناس، فإذا أَطلق هذا الاسم من يليق به إطلاقَه على حقيقة اللسان، فمطلقُ لفظه محمول على موجَب اللغة، فأما القَروي إذا ذكر البيتَ، ففي المسألة ثلاثةُ أوجه: أحدها - أن لفظه محمول على البيت المبني؛ فإنه لا يعني في الغالب إلا ذلك، فيحمل مطلق لفظه على ما يغلب على الظن أنه المراد باللفظ.
والوجه الثاني - أنه يحنَث بما يحنَث به البدوي؛ تعلقاً بموجب اللسان.
والوجه الثالث - أنه يفرق بين أن يكون من قرية قريبة من البادية يطرقها البدويون، ويناطقونهم فيها، فإن كان كذلك، يحنث القروي، وإن كانت القرية بعيدة عن البادية، فالبيت من أهله محمول على المبني، والبدوي إذا قطن البلد، وأطال الثواء به، وصار يناطق أهل البلدة بما يتعارفونه، فحكمه حكم البلدي، والقروي إذا تبدّي، وصار يناطق أهل البادية بلغتها، فهو كالبدوي. هذا ما ذكره الأصحاب في ذلك.
11759 - ومن هذا المنتهى نضطر إلى ذكر أصلٍ ذكره المزني في بابٍ بعد هذا،