هذا ظاهر المذهب، ويتطرق إليه احتمالٌ من أصلٍ نقدّمه، ثم نذكر وجه إشعاره بالاحتمال، فإذا التزم العبد كفارةً، والتفريع على أنه لا يملك بالتمليك، ولا يتصور منه التكفير بالمال، فلو أُعتق، وأراد أن يكفر بالمال -والتفريع على أن الاعتبار في صفة التكفير بحالة الوجوب- فالمذهب أنه لو أراد التكفير بالمال بعد العتق، أمكنه، فإن من لا يلتزم إلا البدل لو تكلف إخراج المبدل، كان مقبولاً منه، كما لو كان معسراً عند التزام الكفارة، ثم أيسر قبل أدائها، وفرعنا على أن الاعتبار بحالة الوجوب، فلو أدّى ما يليق بحال الموسرين أجزأه ذلك.

ومن أصحابنا من قال: العبد لا يجزئه إلا الصوم؛ فإنا نسند حالة الأداء إلى حالة الالتزام، ولقد كان في حالة الالتزام بحيث لا يتصور منه التكفير بالمال بوجهٍ، فعلى هذا يظهر المصير إلى أن السيد لا يكفر عن عبده بعد موته بمالٍ يخرجه؛ فإن ما يعترض بعد الموت لا بدّ من تقدير استناده إلى حالة الحياة، وهذا الوجه (?) في هذا المقام ظاهر؛ نإن ما بعد الموت استدراك أمر مشرفٍ على الفوت، فيجب الالتفات إلى حالة الحياة.

ثم فرع الأصحاب على الوجه الظاهر، وقالوا: إذا جوزنا للسيد أن يطعم ويكسو عن مملوكه بعد موته، فهل يجوز له أن يُعتق عنه، فعلى وجهين، وهذا التردد لمكان الولاء، وما فيه من الاضطراب للأصحاب، ثم المعتمد في السيد أنه في التصرف في عبده حالّ محل الوارث لما بينهما من العُلقة، وقد مضى لهذا نظائر في المسائل.

ثم الذي يقتضيه الترتيب أن ينزل السيد في حق عبده الميت منزلة الوارث في حق صاحبه الذي لم يخلّف شيئاً، وقد قدمنا تفصيل المذهب في حق الذين لم يخلفوا شيئاً، ثم السيد أبعدُ عن الخلافة من الوارث، والعبد أبعد عن قبول التكفير من الميت المعسر، لما نبهنا عليه، وكل ذلك يقتضي ترتيب محالّ الخلاف في السيد [على] (?) أمثالها في الوارث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015