اليمين والحنث جميعاً بإذن السيد، فليس له منعه من الصوم، وحمله على تأخيره، وإن كانت الكفارة على التراخي، هذا هو المذهب الصحيح، ولو دخل عليه أول وقت الصلاة، فأراد إقامة الصلاة في أول وقتها، فهل له ذلك؟ في المسألة وجهان مشهوران، والفرق بين الحمل على تأخير الكفارة وبين محل الوجهين في الصلاة أن العمر محل الكفارة، وهو مجهول الآخر، فكان في تأخيرها غررٌ، ووقت الصلاة مضبوط.
ومن أصحابنا من قال: يجوز للسيد حمل العبد على تأخير الصوم وإن كان الحلف والحنث صادرين عن إذنه، تخريجاً على أن للزوج أن يمنع زوجته عن حجة الإسلام على قول؛ لأن أداء الحج على التراخي، وحق الزوج ناجزٌ في الحال، وكان شيخي يقول: هذا القول وإن جرى في الحج موجهاً بما ذكرناه، فالوجه القطع بأن العبد لا يُحمل على تأخير الصوم في الكفارة إذا جرى الحلف والحنث بإذن السيد؛ لأن موجب الكفارة تعلّق بالمولى ووجوب الحج لا تعلق له بالزوج، ولا يمتنع أن يقال: لا تتم استطاعة الزوجة حتى يأذن الزوج لها، وهذا لا بأس به، وكل ذلك ناشىء من تردّد الأصحاب في أن من أخر الحج، ومات هل يأثم؟ وكيف يأثم ولو أخر الصلاة من أول الوقت إلى وسطه فاخترمته المنية، فهل يأثم؟ وكل ذلك مما مضى مقرراً في الكتب السابقة.
وكنت أحب أن يقال في الكفارة: إنْ ظَاهَرَ العبدُ وعاد بإذن المولى، فليس له أن يمنعه من التكفير؛ لأن في منعه إضراراً به وإدامةً للتحريم، وإن فرض في كفارة اليمين ما ذكرناه، فقد يُخرّج فيه الوجه البعيد الذي ذكرناه في أن السيد يحمل عبده على تأخير الصوم.
وما قدمناه من جواز الصوم تبرعاً أو فرضاً، حيث لا يؤثر الصوم في القيمة (?) والقوة، فهو في العبد، أما الأمة، فللسيّد أن يفطرها في صوم التبرع، وفي صوم الفرض إن لم يكن سبب وجوبه بإذنه، وهذا واضح.