ومن أصحابنا من قال: ليس له أن يعتق عنه؛ فإن الغرض يحصل، والحق يتأدى بالإطعام أو الكسوة، وليس يُعقب واحدٌ منهما ولاءً، وصرف الولاء إلى غير المعتِق وإلى غير الآذان في العتق بعيد، لا اتجاه له.
ولو لم يخلف تركةً، فأراد الوارثُ في كفارة اليمين أن يُطعم أو يُعتق، فقد قال الأصحاب: الإطعام والكسوة من الوارث يقع الموقع، وفي الإعتاق خلاف كما ذكرناه، والأولى ترتيب الخلاف على ما إذا خلّف التركة؛ فإن التركة عُلقة قائمةٌ، حتى كأنها بقيةٌ من الحياة، ويتعلق بها من الطلباتِ ما كان يتعلق بالحي في حالة الحياة، وإذا لم تكن تركة، [كان] (?) الإعتاق من الوارث في حكم التبرع المحض.
ولو كانت المسألة بحالها، فأطعم أجنبي عمن مات وعليه كفارة يمين، أو كسا عنه أو أعتق، فالترتيب المشهور إجراؤه، على عكس الوارث، فنقول: إن أعتق الأجنبي، لم يقع العتق عن الميت وجهاً واحداً؛ فإن أطعم عنه أو كسا، ففي وقوعه عنه وجهان، والفرق أن الوارث على الجملة له رتبة الخلافة، بخلاف الأجنبي، وفي العتق المزية التي أشرنا إليها، وهي استعقاب الولاء، وصرفُ الولاء إلى الغير من غير إذنه بعيد.
قال صاحب التقريب: لا يمتنع أن يخرّج العتق في حق الأجنبي على الخلاف أيضاً ونُرتبه على الوارث، والدليل عليه أن الوارث والأجنبي يستويان في حالة الحياة في أن واحداً منهما لا ينفرد بإعتاق ولا إطعام عمن عليه الكفارة من غير إذنه.
وقد ذهب طائفة من أصحابنا إلى ذكر خلافٍ في إطعام الوارث وكُسوته إذا لم يكن تركة؛ فإن الدين على الميت، فإذا لم يخلّف تركة، فالوارث كالأجنبي، وهذا الخلاف فقيه، وإن كان غريباً؛ فإن ما يطلق من خلافة الوراثة قد لا يتحصل إذا لم يكن مال، وإنما يتصرف الوارث إذا كانت تركة ليخلّص التركة، فإن استحقاقه يتعلق بعينها، فإذا لم يخلّف الميت شيئاً، فلا أثر للوراثة، وبالجملة إنه إذا لم يرث شيئاً للميت، ولم يجب عليه ما على الميت، فلا تعلق له.