مالك (?) لما أوجب التتابع في القضاء، مَصيراً إلى أن التتابع مرعيٌّ في الأداء، والقضاءُ تِلوه؛ لأن ما تخيله في الأداء تتابع الزمان، لا تتابع [معتبراً] (?) شرعاً؛ بدليل أن من أفسد اليومَ الأخير لم يفسد صومه فيما مضى.
هذا بيان القولين.
فإن لم نشترط التتابعَ، فلا كلام، والخِيَرةُ إلى الصائم، وإن شرطنا التتابع، فقد قدمنا في كتاب الظهار ما يُبطل التتابع قولاً واحداً، وما لا يبطله، وما اختلف الأصحاب فيه: كالمرض والسفر، ونحن نقول هاهنا: ما يقطع تتابع الشهرين فهو بأن يقطع تتابع الصيام في الأيام الثلاثة أولى؛ فإن إيقاع الأيام الثلاثة بعيدةً عن أسباب القطع ممكن، وإن كان قد يتعذر في الشهرين.
وقد قطع الأصحاب بأن الحيض لا يقطع التتابع في الشهرين، واختلفوا في أنه هل يقطع التتابع في الأيام الثلاثة؛ والسبب في ذلك أنها تتمكن من تبعيد الأيامِ الثلاثة من نوبة حيضها؛ فإن لم تفعل، انتسبت إلى التقصير، والشهران لا يخلوان في الغالب في حق ذات الحيض من الحيض، ولعل الأصح أن الحيض يقطع التتابع؛ فإنها متمكنة من تخيّر أيامٍ لا يفرض فيها حيض، بأن تترك نوبتها من الحيض حتى تنقضي، ثم تصوم الثلاثةَ الأيام في مدّة لا يتوقع فيها معاودة الحيض.
وقد يتجه أن نقول: الحيض على هذا التقدير والتصوير أولى بقطع التتابع من المرض، وإن كان الحيض يقطع تتابع الشهرين وفي المرض قولان؛ فإن المتبع المعاني لا الصور.
...