ومما يليق بذلك الدروع المسرودة، فهي ملبوسة، والمُحرم يلتزم الفدية بلبس الدرع، لأنه مُحيط بالبدن، فكان كالمَخيط، فلو ألبس مسكيناً درعاً وملّكه إياه، ففيه احتمال. والأظهر المنع؛ فإن هذا لا يسمى كُسوة، وإن كان يسمى ملبوساً، والإحرام مدار على اللبس واتباع هيئةٍ في الملبوس، والشرط تقرير كل بابٍ على أصله، والمتبع فيما نحن فيه اسم الكسوة.
ولو أعطى قلنسوة، أو مِكْعَباً (?) وهو الشُّمُشْك، أو خفين، أو تُباناً، ففي المسائل وجهان، وسبب الاختلاف أن اللُّبس مطلقٌ في هذه الأشياء، ولا يطلق فيها الكُسوة، فهذا منشأ الخلاف، وإذا أعطى تِكّة (?)، أو مِنطقة، لم يجزئه لانعدام اسم الكسوة واللبس جميعاً، فكان المدار على هذا، فكل مكتسٍ لابس، فإذا تحققت الكُسوة فالوفاق، وإن لم تتحقق الكسوة ولا اللبس، فلا إجزاء وفاقاً، وإن كان (?) مطلق اللبس ولا مطلق الكسوة، ففيه الخلاف.
واختلف أصحابنا في النعل على طريقين: فمنهم من ألحقه بالخف والمِكْعب، ومنهم من قطع بأنه لا يجزىء كالمِنطقة، والأشبه تخريجه على الخلاف، فإنه يقال: لبس فلان نعليه، كما يقال لبس خفيه.
وقال مالك (?) ينبغي أن يُعطى كل إنسان ما يستر به عورته، وتجوز صلاته معه، فهذا هو الستر الواجب الشرعي، فاتجه حمل الكُسوة الشرعية عليه، وهذا قولٌ للشافعي حكاه البويطي عنه، ومن ضرورة التفريع على هذا القول الاختلاف على حسب اختلاف الآخذين، فنعتبر في كل آخذ ما يستر عورته وأبو حنيفة (?) أوجب