والمقصود بها امتحان الأبدان، فيجب اتباع موارد النصوص فيها تأقيتاً وقدْراً، وكيفيةً، فلذلك لا يجوز تقديم الصيام المفروض على وجوبه، ويجوز تقديم الزكاة على وجوبها بحولان الحول.
وذكر الخلافيون وجهاً في تجويز تقدم الصوم على الحنث، وهذا متجه بعضَ الاتجاه تعلقاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " فليكفر عن يمينه، ثم ليأت الذي هو خير"، ولم يفصل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التكفير بالمال وبين التكفير بالصوم، وما ذكره بعض المصنفين من أن الكفارة تجب باليمين نفسِه يؤكد هذا، ومن نظر في تصاريف كلام نقلة المذهب، اطلع على رمزهم إلى ما حكاه الخلافيون، ولكن المذهب المعتمد ما قدمنا ذكره، وهو معتضد بترتيب الصوم في كفارة اليمين على الخصال المالية، ومعنى ترتبه عليها ألا يتحول المكفر إليه ما لم يتحقق عجزه عن الخصال الثلاث، وإنما يتحقق العجز عند وجوبها، فإذ ذاك يستبان العجز والقدرة.
11733 - والصائم في نهار رمضان إذا قدّم التكفير ثم واقع، فالمذهب المبتوت أن الكفارة لا تقع الموقع، كذلك القول في المُحْرِم إذا قدم كفارةً على موجِبها، ولا فرق بين أن يكون التكفير بالمال وبين أن يكون بالصوم، وذكر أئمة المذهب في المناسك وجهين آخرين مع ما ذكرناه.
فتجمع مما نقلوه ثلاثةُ أوجه: أحدها - المنع، كما قدمنا، والفرق بين هذه الكفارات وكفارة اليمين أن الإحرام ليس سبباً خاصاً في الكفارة، وكذلك الصيام، بل الإحرامُ والصيام بالإضافة إلى الكفارات عند ارتكاب المحظورات بمثابة الإسلام في التزام الأحكام، والدليل عليه أن الكفارة في لسان الشرع منسوبة إلى اليمين قال الله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]، وفي قوله: {إِذَا حَلَفْتُمْ} إشعار بأن التكفير جائز كما (?) تحقق الحلف؛ فإنه عزّ من قائل لم يقل: " إذا حنثتم ".
والوجه الثاني - أن تقديم الكفارة جائز في الإحرام والصيام، قياساً على كفارة اليمين.