قلنا: إذا قال: " أقسمت "، فهو موضوع للماضي، وإذا فسَّر مُطلِق اللفظ لفظَه بالإخبار عما مضى، كان التفسير منطبقاً على ما مضى، وكذلك القول في " أُقسم "، وإذا قال: " بالله "، فهذا في صريح اللغة عقد يمين في الحال لا تردّد فيه بين الماضي والمستقبل، فكأن حذف المضمر الجالب أوجب تخصيص اللفظ بالإنشاء، ثم يُفرض فيه جالب يليق بهذا الغرض، وهذا بيّن لاخفاء به، وكم من مضمَرٍ يقدره النحوي، واللفظ دونه أوقع، وهذا بمثابة قولهم: " ما أحسنَ زيداً " تقديره: شيء (?) حسّن زيداً، وهذا التقدير لو صرح به، لأفسد معنى التعجّب أصلاً، ونظير ذلك كثير، ومهما (?) أطبق العرب على مضمر يحذفونه، فذلك لاعتقادهم أن الحذف أولى في إفادة المقصود.

وحكى العراقيون نصاً عن الشافعي أنه قال: إذا قال: أقسمت بالله. أو أقسم بالله، أو أطلق كان مطلقه يميناً، وهذا غريب، ولذلك أخّرته عن ترتيب الطرق.

11719 - القسم الرابع - إذا قال: أقسمت أو أقسم، ولم يذكر المقسم به، ولم يُجرِ في كلامه اسماً معظماً من أسماء الله تعالى، فلا يكون حالفاً وإن نوى؛ فإنّ التعويل في اليمين على ذكر اسم معظم من أسماء الله تعالى، أو من أسماء صفاته، فإذا أخلى كلامه عنه، لم ينعقد يمينه وإن أضمر الحلف بالله تعالى، وقد اتفقت الطرق على ذلك، وقال أبو حنيفة (?): إذا أضمر ذكر الله تعالى، ونوى الإقسام به، وقد قال: أقسمت، كان حالفاً، وذكر العراقيون أنه لو قال: والموجود، أو الشيء، وزعم أنه أراد الرب تعالى، فلا يكون حالفاً، لأنه لم يذكر اسماً معظماً، وقد أوضحنا أن التعويل في اليمين على تأكيد الكلام بذكر اسم من أسماء الله تعالى أو صفةٍ من الصفات الأزلية.

وقد تمهدت الأقسام الأربعة، وهي القواعد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015