متجه؛ فإنَّه صرح بما يصح الإقسام به، وذكر صلةً تُعَدُّ صَرِيحاً في القَسَم، فلا يبقى فرق.

وذكر العراقيون طريقة ثالثة، وقالوا: إذا ذكر القدرةَ، والعلم، والكلام، وزعم أنَّه ورَّى، قُبل منه ظاهراً، وباطناً، ولو أطلق، كان حالفاً، ولو قال: وجلال الله وكبريائه، فهذا يلتحق بالقسم الأول، والفرق أنَّ الصفات التي ذكرناها متعلقة بمتعلقاتها، وقد تُطلق ويراد المتعلقات، فيقول القائل: رأيت اليوم قدرة الله تعالى، وهو يريد مقدوره، وقد لا يتحقق هذا الوجه في الجلال والكبرياء.

وهذا تخييل لا حاصل وراءه؛ فإن الإنسان قد يقول: عاينتُ كبرياء الله، كما يتجوز بمثل ذلك في القدرة وكلِّ متعلق من الصفات الأزلية.

11717 - القسم الثالث - إذا قال: أقسمت بالله، أو قال: أقسم بالله لأفعلن، أو قال: حلفت، أو أحلف، فقد قال أرباب اللسان: الجالب للباء في قول الحالف: (بالله) إضمار أقسمت، أو أقسم، أو لفظٍ في معناهما، فإذا قال: أقسمت بالله، أو قال أقسم بالله، فهذا تصريح بجالب الباء، أما حكمه في غرض الفقه، فالطريقة المشهورة أنه إذا قال: نويت بقولي: " أقسمت " إخباراً عن قسم مضى، وقصدت بقولي: " أقسم " إشعاراً بقَسَمٍ سيكون مني في مستقبل الزمان، فهذا مقبول منه ظاهراً، وإذا صدق، فلا شك في قبوله باطناً، وإن قصد إنشاء يمينٍ، كان حالفاً على التحقيق، وإن أطلق، ولم ينو شيئاً، ولو يُورِّ بالوجه الذي ذكرناه، ففي المسألة وجهان: أصحهما - أنه لا يكون حالفاً، ووجهه أن أقسمت صريحٌ في الماضي، وأقسم صريح في الصلاح للمستقبل؛ فلم يأت بلفظٍ صريح في الإنشاء.

والوجه الثاني - أن مطلق لفظه يمين؛ فإن العرف جارٍ مطرد باستعمال هذه الألفاظ في إرادة الإنشاء لليمين، والعرف يقيد الألفاظ المترددة.

(1 وقال صاحب التقريب: من أصحابنا من فرق بين قوله: أقسمت، وبين قوله: أقسم 1)؛ فإن قوله: أقسمت صريح في الإخبار عن الماضي لا يصلح للإنشاء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015