ولو كانت المسألة بحالها، فوقعت المناضلة على شرط الصحة، ثم أراد بعضهم أن يتأخر عن الموقف الثابت، فهل له ذلك، وقد زاد على نفسه؟ اختلف أصحابنا: فمنهم من قال: له ذلك، ولا معترض عليه، ووجهه بيّن؛ فإن سهمه يمر على المسافة المشروطة والزيادة عليها من شأنه.

ومنهم من قال: لا يجوز ذلك، فإن القوس الشديدة قد تتحامل على الرامي فيزهق سهمه في الموقف المشروط، وإذا بعُد انخفض السهم وحبا، فإذا كان هذا الفرض ممكناً، فليس إلا الحسم والمنع.

وعلى هذا الترتيب لو جرت المعاملة (?) على المسابقة صحيحةً، فأراد أحدهما أن يتقدم، مُنع ولو وقع الرضا به، فلا وجه له، ولو أراد أن يتأخر عن الموقف المعيّن، فعلى ما قدمناه، وقد يكون من طباع فرسه إذا تأخر ورأى متقدماً عليه أن يحتدّ يبغي إدراك المتقدم، ثم يتمادى كذلك في حُمُوَّته.

ومن أسرار هذا الفصل أن من تأخر عن الموقف في المسابقة أو المناضلة، فالباقي على الموقف المشروط في حكم المتقدم عليه، وقد ذكرنا أن التقدم ممتنع، ولكن تتميز صورة الوفاق على المنع عن صورة الخلاف بأنَّ الممنوع منه وفاقاً فيه إذا لزم قوم الموقف المشروط، فتقدّم من تقدّم، وصورة الخلاف فيه إذا لزم قوم الموقف، وتأخر باختياره من تأخر، والفرق وإن كان مُخيلاً في الظاهر، فلا فرق في الحقيقة إلا أنَّا نحتمل المقدار اليسير الذي لا يظهر لمثله أثر في الحس الظاهر بناءً على ما جعلناه قاعدة الفصل من تفاوت المواقف لا محالة، وهذا لا يفرق فيه بين التقدم والتأخر.

فصل

في المعاقدة على الأمور البعيدة

11705 - إذا وقع التناضل على ما لا يبعد مدركه، حكمنا بالصحة على وفق الشرع (?)، وإن جرى شرط لا يُدرك، فالعقد باطل، وهو بمثابة اشتراط مائة رشق مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015