المتناضلين ما هو أبعد منه من سهام صاحبه، إن كان ذلك البعيد في حد القُرب المضبوط المشروط.
وأنا أقول: إن شرطوا أن يُخرج الأقرب ما وراءه، فالشرط متّبع، وإن لم يكن (?) لهذا تعرض، فليس في معنى احتساب القريب ما يشعر بإخراج الأقرب ما فوقه؛ فإن لم يثبت للرماة في ذلك عادة مستمرة، فالوجه الاحتساب بكل ما يقع على حد القُرب المعتبر، وإن ثبت في ذلك عادة للرماة، فيجتمع موجب اللفظ وحكم العادة، فإن اعتبرنا العادة، حكمنا بإخراج الأقرب ما فوقه.
وفي هذا يتبين أمرٌ به انكشاف أغراضٍ، وهو أن القُرب لو كان مفهوماً في عادة الرماة معتبراً بِقِيد سهم، فإخراج القريب يحمل على العادة الجارية، وهذا لا يُدرج تحت القولين، بل هو في معنى حمل الدراهم المطلقة على النقد الغالب، من جهة أن القريب لا ضبط له في اللسان، واللفظ المبهم تبيّنه قرينة الحال، كذلك القول في القريب؛ فإنه لا ضبط له في وضع اللغة، فإن صح ضبط في العادة على اطرادٍ، كانت العادة قرينة اللفظ، فأما إخراج الأقرب لما فوقه، فليس من باب تفسير لفظ مبهم، فلا يصح أن يكون هذا قرينةً للّفظ مفسرةً له، فيثبت القريب مضبوطاً والمسألة مفروضة في الضبط، فالكلام مستقلٌّ إذاً، ولكن يعارضه عُرفٌ يليق بالاستصلاح، فخرج القولان، وهذا كالقولين فيمن يُبدأ به؛ إذ ليس في اللفظ تعرض للبداية، ولا يصير اللفظ مع العادة مشعراً بها، فبقي لفظٌ مستقلٌّ (?) وعادة تعارضه.
11689 - ومما نذكره في فصل القريب أن التناضل إذا وقع على احتساب القريب، فقرب سهم من القرطاس، ولم يلق ما يثبت فيه، فهذا قريب، ولكن أهم أمر فيه التصوير، فإن كان القرطاس مفرداً، ولم يكن وراءه ترس أو تراب، فاشتراط القريب لا يحمل على ما يقرب في مرِّه، فاذا وقع التشارط كذلك (?)، اتبعناه، ولكن هذا