والوجه في ذلك أن التردد إنما يظهر من حيث إن من الخيل ما يعتاد مدّ العنق في العدو، والتمطي، وذلك مما يستحسن ويستحب، وقد يكون له أثر في استعمال الأسلحة، ومن الخيل ما يكون شائلاً رأسَه صُعداً، وهذا غير محبوبٍ في العدو، وإنما يؤثر ويستحَب في السير الهملجة (?)، وقد يصدم وجهَ الفارس إذا كان يستعمل سلاحاً في عدوه.
فمن اعتبر السبق بالهادي، فمأخذه ما ذكرناه، والأقيس اعتبار السبق بالقدم؛ فإنه السبق حقّاً، والهادي لا يحصل السبق به؛ إذ العدو بالقدم. وما ذكره العراقيون من اعتبار الأعناق في أقدارها متجه إذا كان الفرسان يمدّان أعناقهما، فيتعيَّنُ والحالة هذه اعتبار التساوي في الطول والقِصر، وما ذكرناه من أن أصحاب التسابق ما اعتبروا ذلك، فهو على وجهٍ، ولكن سببه أنَّهم كانوا يعتبرون القدم، فلم يلتفتوا إلى طول العنق وقصره.
11672 - فانتظم مما ذكرناه أن الفرسين إن تفاوتا في مد العنق، اتسق خلافٌ في اعتبار العنق والقدم، ولا نظر إلى أقدار الأعناق.
وإن كانا يمدان الأعناق، وقلنا: الاعتبار بالأقدام، فلا نظر إلى الأعناق، وإن قلنا: الاعتبار بالأعناق، فيتجه اعتبار التساوي في العنقين.
وأما ما حكاه العراقيون من أن الاعتبار في الإبل بمواقع الخفاف، فلم يتعرض لهذا المراوزة، والذي بلغنا ما نقلناه، وما نقله العراقيون فالثقة حاصلة بمنقولهم، وهذا قليل النَّزَل (?) والفائدة.
وكان شيخي يقطع بأن الاعتبار في التساوي في ابتداء الميدان بالأقدام لا غير، وإنما التردد في آخر الميدان، وهذا حسنٌ متجه لا يجوز غيره، فإنَّا إذا اعتبرنا السبق