والذي يحقق ذلك أن من يُسْبَق لا محالة ليس بمسابق، وإنما هو في حكم الراكض بنفسه.
وفي المسألة وجه آخر أن المحلِّل إذا كان بحيث يَسبق، صح. وسيأتي ذلك مشروحاً، إن شاء الله.
11670 - ولو أعلمنا المنتهَى الذي لا حكم للسبْق وراءه، ولكن وقع التشارط على أن السبْق إن اتفق في خلال الميدان، كفى، وكان فوزاً، ففي جواز ذلك وجهان: أحدهما - أنه يجوز؛ فإن المعنى المحذور في ترك إعلام الغاية، وهو إمكان التساوق إلى أمد بعيد زائلٌ هاهنا؛ فإن الميدان مضبوط، ومنتهاه معلوم.
ومن أصحابنا من قال: لا يجوز هذا؛ فإن الفرس النَّزِق قد يظفر في أول الميدان، ثم يقف أو تنكسر حِمِرَّته (?)، والجواد يتمطى (?) ويضبِر (?) في أواخر الميدان، فالاكتفاء بالسَّبْق قبل الغاية يوجب تقديم برذون نَزِقٍ على جواب.
ومما ذكره الأصحاب أن المُتَسابِقِين لو شرطوا غاية وعينوها، ثم قالوا إن اتفق السبق عندها، فذاك، وإلا تعديناها إلى غاية أخرى، عيّنوها، ففي جواز ذلك وجهان: أحدهما - الصحة لتحقق الإعلام. والثاني - الفساد؛ لتردد المعقود عليه وتميُّله (?)، ولعل الأصح الصحة؛ لأن ما وصفناه ليس مناقضاً لمقصود العقد، وحق الفقيه أن يفهم مقصودَ العقد، وُينْزل عليه ما يطرأ من شرط، فقد تبين وجوب إعلام السبَق، ووجوب إعلام الغاية.
وقد تجري مسائل في أثناء الكتاب تلتحق بمضمون هذا الفصل، وفيما ذكرناه مَقْنع في تمهيد القاعدة. وهذا هو الذي نبغيه بعدُ.