صح السبَق، فأول ما نبدأ به اختلاف الأصحاب في أن الفائز بفعله هل يستحق شيئاً؟ فمن أصحابنا من قال: لا يستحق شيئاً أصلاً، ووجهه بيّن؛ فإنّ مقتضى العقد التعليق والغرر، فلينحصر الاستحقاق على السَّبَق إن أمكن استحقاقه، وإن لم يمكن، فلا شيء له، وهذا يتأكد بأن العامل يستحق بعمله، والعمل في المسابقة يرجع معظم نفعه إلى السابق؛ فإنه يتمرّن بعمله، كما يستفيد مَن يجاريه من مجاراته، فرجع الاستحقاق إلى الشرط والمشروط، وخرج المستحَق عن قياس الأبدال حتى يرجعَ عند فسادها إلى عوض شرعي. هذا أحد الوجهين.
والوجه الثاني - أن العوض -وإن فسد- إذا تمم المشروطُ له العملَ الذي به يستحق، فيثبت له العوض؛ فإنَّ عمله إذا تم، يلتحق بالأعمال المقابَلة بالأبدال، والدليل عليه أن القراض إذا فسد، استحق المقارض أجر مثله، وإن كانت المعاملة على الغرر في إصابة ربح إن اتفق. وللأول أن يجيب عن القراض، ويقول: رجوع النفع من عمل المقارض ظاهر بخلاف المسابقة.
التفريع:
11666 - إن حكمنا بأنَّ الفساد يوجب الرجوع إلى بدل، فينظر في السبَق: فإن كان غير قابل للتقويم، فالرجوع إلى أجر مثل السابق، ثم لا يعتبر المقدار الذي يسبق به، بل يعتبر ركضُه أو رميُه؛ فإنه بمجموع عمله، توصّل إلى السّبْق والفوز.
وإن كان السبَق مما يقبل التقويم، [بأن كان] (?) مغصوباً، فقد اختلف أصحابنا على طريقين: فمنهم من قطع بالرجوع إلى أجر المثل قياساً على الإجارة إذا فسدت بفساد العوض وتوفرت المنفعة، وهذا القائل يفصل بين ما نحن فيه وبين الصداق وبدل الخلع؛ فإن مبنى النكاح والخلع على ألا يفسدا بفساد العوض، وإذا لم يفسدا، بَعُد الرجوعُ إلى قيمة ما لم يفسد. ورأى (?) الشافعي في قولٍ الرجوع إلى قيمة الصداق أولى. والمسابقة تفسد بفساد العوض، فيتعين الرجوع إلى أجر المثل؛ فإن