التفريع بعد التنزيل والتوجيه:
11662 - فنذكر ضمان السبَق إن كان مالاً موصوفاً في الذمة، ونذكر الرّهن به، فالذي ذهب إليه الجماهير أنا إن حكمنا بلزوم المعاملة، صححنا الضمانَ والرهنَ إذا كان المشروط ملتزماً في الذمة، وإن حكمنا بجواز المعاملة، فالسبَق فيها بمثابة الجعل في [الجعالة] (?) وفي جواز ضمان الجُعل في الجعالة قبل تمام العمل قولان مشهوران في الترتيب الجديد، فإن قلنا: لا يصح الضمان، فلا يصح الرهن، وإن قلنا: يصح الضمان، ففي صحة الرهن بالسبَق وجهان، والرهن أبعد قليلاً عن الثبوت، ولذلك صححنا ضمان العهدة (?) على النص، ولم نصحح الرهن بها على مذهب الجمهور.
فينتظم في الضمان والرهن ثلاثة أوجه: أحدها - أن الرهن لا يثبت والضمان يثبت، والوجه عندنا التسوية بين الرهن والضمان في هذه المسألة، بخلاف ضمان العهدة، فإن ضمان العهدة أُثبت لمصلحة بيّنة لا تنفك عنها حاجة مشترٍ، ثم لا ضرار على الضامن؛ فإنه لا يتوجه عليه المطالبة قبل بَدْو (?) الاستحقاق، ولو جوزنا الرهن، لاحتبس المرهون عن التصرفات، وكان ذلك حَجْراً مستداماً على المالك، فلا سبيل إلى احتمال هذا، ولا يتضح على هذا الوجه فرق بين الرهن والضمان في السبَق، وليس من شيم الفقهاء أن يعتقدوا الفرق بين أصلين لافتراقهما في مسألة، بل الوجه اتباع المعاني.
وذكر القفال طريقة فقهية مرضية في الضمان نستاقها على وجهها، ثم نذكر بحثاً يتم البيان به، قال رضي الله عنه: نحن وإن حكمنا بلزوم المسابقة، فإذا كان المُسبِقُ أحدَ الرجلين، فلا يجب عليه تسليم المال إلى صاحبه قبل ظهور فوزه به، لم يختلف أصحابنا في ذلك، وليس كالأجرة المسماة في الإجارة المطلقة، فإنه يجب تسليمها