صاحب التقريب وجهاً آخر أن ذلك لا يجوز والسبَق للسابق، فإذا شرط لغيره، لم يصح، ولم يستحقه.
فإذا كان ما شرط للمصلّي أكثر مما شرط للسابق، فهو كما لو كان الكل مشروطاً للمصلي، ولو سوَّى بين السابق والمصلِّي (?) في الترتيب، كان كما لو فضّل المصلي على السابق.
وكل ما ذكرناه فيه إذا اشتمل مكان التسابق وهو المسمى الحَلْبة على فرسانٍ، فلو كان يتسابق رجلان فالمصلي فِسْكِل (?)، ولا خلاف أنه لا يجوز تخصيص الفِسكِل بالسبَق، فإنما التردد الذي ذكرناه فيه إذا اشتمل المكان على السابق والمصلّي وغيره.
ولو كان يرى مُخرج المال فضَّ ما أخرجه عليهم على التفاضل، والفضل للسابق، ثم للمصلي ثم للذي يليه، هكذا، فالأصح جواز ذلك إلا فيمن يأتي فِسْكِلاً؛ فإن في صحة اشتراط شيء له -وإن قل قدره- خلافاً بين الأصحاب متجهاً، فمنهم من منع؛ فإن أحداً لا يعجِز عن مقام الفِسكِل، فقد يكتفي بالقليل ويضن بفرسه، فيتخلف، ومنهم من جوّز، لأنه على حال يتعب ويدأب، فلا يبعد ألا يخيب على قدر كدِّه وجهده (?).
فخرج من مجموع الترتيب أن الفِسكِل لا يخصص بالسبَق، ولا يفضّل على متقدمٍ عليه، ولا يسَّوى بينه وبينه وفاقاً، وصرْفُ (?) شيءٍ إليه على شرط أن يكون أقل من حصص كل سابق عليه ففيه الخلاف. ويجوز تخصيص السبَق بالسابق، بلا خلاف، فإذا أُثبت للمصلِّي شيء، والفضل للسابق، فالمذهب الجواز، وفيه شيء بعيد حكاه صاحب التقريب.