فلا يجوز أن يكون في تقديم الصَّيد على الميتة خلاف، إذا كان التفريع على أن الصَّيد ليس بميتة، فإذا كان الصَّيد حيّاً، بقي النظر في أن الميتة مجزئة سادَّة أو مقلّة، وهو يحتاج في الصيد إلى قتلٍ هو من المحظورات، فإن كان يفرض تردد، فمن هذه الجهة، وهو عندي باطل أيضاً؛ فإن قتل الصيد مع التزام الجزاء محتمل إذا كان التفريع على أنَّه ذكية وليس بميتة.
ولو وجد طعام الغير وصيداً، وهو محرِم، فقد قال الأصحاب: في المسألة وجهان: أحدهما - أنه يتعاطى طعام الغير، ويجتنب قتل الصّيد. والثاني - أنه يقتل الصَّيد، والتفريع على أنه لا يصير ميتة، وهذا الخلاف ينقدح تخريجه على اجتماع حق الله وحق الآدمي، ويظهر فيه التخيير تخريجاً على التسوية بين حق الله وحق الآدمي.
وإن فرعنا على أن الصيد يصير ميتة بذبح المحرِم، فيقع هذا في اجتماع الميتة وطعام الغير، مع زيادة ارتكاب القتل، ثم بعده وصول إلى الميتة، وهذا يخرج أيضاً على الأوجه الثلاثة على نسق قريب مما تقدم.
ولو وجد المحرِم صيداً وطعامَ الغير وميتةً، فلا يكاد يخفى تخريجُ هذه المسألة على الأصول التي ذكرناها، ولكن إذا انتظم في شيئين ثلاثةُ أوجه، فإذا صوّرنا اجتماع ثلاثة أشياء، جرى فيها أوجه زائدة، وقد [بلغت] (?) سبعة: وأصولها أنا نقول في وجهٍ: الميتة أولى، وفي وجهٍ الصَّيد، وفي وجه طعام الغير، فهذه الأوجه هي الأصول، ثم يتفرع جهات من الخِيرة، فنقول: وفي وجه هو مخَيّر بين الميتة ومال الغير، ويترك الصَّيد، وفي وجه هو مخيّرٌ بين الصيد ومال الغير ويترك الميتة، وفي وجهٍ يتخير بين الصيد والميتة، ويترك مال الغير، وفي وجهٍ يتخير بين الكل. وهذا سهل المدرك على من أحكم الأصول.
وقد انتجز القول فيما يتعاطاهُ المضطر على مساق في الإيجاز والبيان لا يعهد مثله.
...