تمليك، ولكن قد يخطُِر للفقيه أن الإطعام في كتاب الله مقابل بالأكل؛ فإنه قال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28]، فيظهر أن المراد كلوا ومكّنوا البائسين من أكل، وقد ورد في ماثور الأخبار: " النهي عن مأدبة يدعى إليها الأغنياء ويحرم الفقراء "، ولكن هذا ينصر قولَ من لا يوجب التصدق ويوضّحه، فإذا أوجبنا صرف شيء إلى الفقراء، لم ينقدح عندي فيه إلا التمليك.

وقد نجز الكلام في أكل من الضحية المنوية المتطوع بها.

ولا خلاف أنه لا يحل الأكل من دماء الجبرانات.

11622 - والضحية المنذورة إذا أداها الناذر بالنية، ففي جواز الأكل منها وجهان: أحدهما - المنع؛ من جهة أنها ملتزمة في الذمة، فشابهت دماءَ الجبرانات. والثاني - أن الأكل منها كالأكل من الضحية المنوية، وهذا هو الأفقه؛ فإنه نذرَ الضحية، والضحية يجوز الأكل منها، فلا تتميز المنذورة عن المتطوع بها، إلا من جهة أن الإقدام على الوفاء بالنذر واجب، ولا يجب ذلك دونها.

ولو قال: جعلت هذه الشاةَ ضحيةً، ولم يتقدم نذر والتزام، فهل يحل الأكل منها؟ إن قلنا: يحل الأكل من المنذورة المطلقة المصروفة بالنية إلى النذر، فلأن يجوز أكل من المعينة من غير التزام أولى، وإن منعنا أكل من المنذورة، ففي الأكل من المعينة وجهان: والأصح - جواز الأكل؛ فإن اللفظ كما عين المعينة، فالذبح على نية التطوع بالتضحية يعيّن اللحم لجهة الضحية الشرعية، فلا فرق إذاً، وإذا فرضنا تعييناً بعد نذر، لم يخف التصرف بعد الترديدات التي ذكرناها في ترتيب المنازل، وقد نجز الغرض في هذا النوع.

فرع:

11623 - إذا ضحى المتطوع وأوجبنا التصدق، فأكل الكل، ففي مقدار ما يغرمه لجهة التصدق وجهان ذكرهما صاحب التقريب: أحدهما - أنه يلزمه ما يقع الاسم عليه، والثاني - يلزمه الثلث، أو النصف.

وهذا عندنا زلل؛ فإن هذا القبيل من الخلاف ذكره الأصحاب فيه إذا حرم المزكي واحداً من المساكين، وصرف السهم إلى مسكينين، وذلك لا يناظر ما نحن فيه؛ فإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015