وكان شيخي أبو محمد يقول: هذا التردد قبل قطع شيء من الحلقوم، وكان القفال يقول: إذا ساق الرجل هدياً، فتعيّب قبل الانتهاء إلى الحرم، أثر في الإجزاء، وإن دخل الحرم، ثم تعيب أجزأ؛ فإن الهدي قد بلغ محِله، وهذا مما اختصّ به القفال، والذي ذهب إليه جماهير الأصحاب أن التعيب في الحرم كالتعيب قبل البلوغ إليه، والدليل عليه أن من أراد أن يهدي هدياً في الحرم نفسه، فتعيب، فهذا هدي في المحل، ويجب القطع بأن التعيب يؤثر، ولا نرى للسَّوْق من الحل إلى الحرم أثراً في الإجزاء، ومَنْعه.
وما ذكره الأصحاب من التعيب بعد شد القوائم إذا اتّصل الذبح به. وما ذكره القفال من التعيب بعد الانتهاء إلى الحرم مبهم بعْدُ، فإن كان الكلام مفروضاً في المتطوَّع به من غير نذر ولا تعيين، فالذي أراه أن التعيُّب قبل الذبح يخرجه عن الإجزاء، وهذا في التعيب بعد الانتهاء إلى الحرم أظهر؛ فإن النية المجردة لا أثر لها، والدليل عليه أنه لو نوى وانتهى الهدي إلى الحرم، أو نوى بعد شد القوائم، ثم أراد بيع ما انتهى إلى الحرم وبيع الشاة بعد شد القوائم، فهو جائز، والتعيب إذا جرى في وقت يجوز البيع فيه يستحيل أن يقع التضحية بعده مع قيام العيب، فالوجه فرض ما ذكره الأصحاب فيه إذا عين الضحية والهديَ عن نذر سابق، وقلنا: التعيب بعد التعيين والحكم بالتعيين يمنع الإجزاء، فلو فرض التعيب بعد الوصول إلى الحرم، أو بعد شدّ القوائم، فعلى هذا الوجه تردد الأصحاب.
11616 - وقد نجز القول في التعيب الطارىء، ونحن نُلحق بهذا المنتهى توجيهَ التعيين على شاة معيبة، وهذا نذكره في الصور الثلاث، فإن قال: جعلتها ضحية، ومثلها لا يجزىء، فالذي أطلقه الأصحاب أنه يلزمه إجراؤها مجرى الضحايا، وإن كان بها عيب، وهو بمثابة ما لو قال لعبدٍ لا يجزىء إعتاقه عن الكفارة: أنت حر عن كفارتي، فالعتق ينفذ، والذمة لا تبرأ عن واجب الكفارة، ولو أشار إلى ظبية وقال: جعلتها ضحية، لغا لفظه، ولم يلزمه صرفها إلى حكم التضحية. ولو أشار إلى حُوارٍ أو فصيل، وقال: جعلته ضحية؛ ففي المسألة وجهان، هكذا رتب الأئمة، ونقصان السّنّ مردّد بين العيب وبين الجنس المخالف للنَّعم، ورأيت للأصحاب رمزاً في تعيين