هذا ما وجدته، وليس يبعد عن القياس طرد القولين في صورة تفريق اللحم؛ فإن الضحية بالذبح وقعت موقعها، وتفرقة اللحم جناية على ضحية قد بلغت محلها.
ثم إذا قلنا: يجب الضمان بسبب تفرقة اللحم وبسبب الذبح، فكيف السبيل في الجمع بين الغرمين؟ فعلى قولين حكاهما صاحب التقريب: أحدهما - أنا نغرمه الشاة حيةً؛ فإنه بالذبح والتفريق فَوَّتها. والقول الثاني - أنّا نغرمه ما نقصه الذبح، ثم نغرمه قيمة اللحم، فإن الذبح والتفريق فعلان مختلفان، فيتعلق بكل واحد منهما غرم على حياله، والمسألة محتملة حسنة.
والوجه عندي طرد القولين فيه إذا ذبح رجل شاة إنسان، ثم أتلف لحمها من غير فرض في الضحية؛ فإنا لا نرى لجريان القولين اختصاصاً بمقتضى الضحية، والمسألة محتملة، لطيفة.
وكل ما ذكرناه تفريع على الأصح وهو أن الشاة تقع ضحيةً إذا ذبحها الأجنبي.
فإن قلنا: لا تقع ضحية، فاللحم كيف حكمه؟ فيه وجهان: أحدهما - أن الضحية انفكت، واللحم مملوك لصاحب الشاة، فعلى هذا يتوجه على الذابح ما نقصه الذبح. والوجه الثاني - أن اللحم مستحق لجهة الضحية؛ فإن قول صاحب الشاة: جعلتها ضحيّةً لا يغير استحقاق جهة الضحية، -وإن لم يقع الاعتداد- فمصرف اللحم إذاً مصرف الضحية المستحقة، كما سنصفه إن شاء الله، ثم لا يجب على الذابح إلا ما نقصه الذبح، وإن فوّت الاعتداد بالضحية، فإن تفويت الضحية لا يغرمه الأجنبي كما قررناه.
فإذا ثبت ما ذكرناه فيه إذا قال: جعلتها ضحية، فلو نذر ضحية، ثم قال: عيّنت هذه الشاة لنذري، ثم فُرض تلف أو إتلاف، فهذا يتفرع على أنَّ الشاة هل تتعيّن؟ فإن قلنا: إنها لا تتعيّن، فالتعيين لغوٌ، فإن تلفت الشاة، فالشاة مملوكة تلفت أو أتلفت، ولا يخفى الحكم، والذمةُ مشتغلة بالنذر، وإن قلنا: الشاة متعينة لجهة النذر، فلو تلفت، فهل تبرأ ذمة الناذر؟ فعلى وجهين: أحدهما - تبرأ كما لو قال ابتداء: جعلت هذه الشاة ضحية. والثاني - لا تبرأ لتقدم النذر، فكأن فائدة التعيين وجوب صرف الشاة المعينة إلى جهة النذر، فإن فاتت، فالنذر قائم، فهذا هو الذي