تنجيزاً على العبد، وتشبيه التعيين للتضحية بتعيين الشيء للحبس والوقفِ أقرب؛ فإن الضحية لا تخرج عن المالية -وإن تعيّنت- كالعين المحبسة، والعبد الذي وجّه مالكُه العتقَ عليه يخرج عن المالية بالكلية.

ولو قال: لله عليَّ أن أضحي بشاة، فالتزم في الذمة، لزمه الوفاء بالنذر، على التفصيل الذي أشرنا إليه، فلو قال: عيّنتُ هذه الشاة لنذري، أو جعلتها عن نذري، فهل تتعيّن للانصراف إلى جهة النذر؟ فعلى وجهين هما قاعدة الفصل: أحدهما - أنها تتعين؛ فإن التعيين إذا كان يلزم الوفاء بمقتضاه من غير التزام، فكذلك إذا جرى التعيين صَرفاً إلى جهة الالتزام يجب الوفاء به.

والوجه الثاني - أن التّعيين لا يعمل عملاً بعد تقدم الالتزام؛ فإن الملتَزَم في الذمة دَينٌ، وتعيين شاة للدَّين بمثابة جعل الدَّين عيناً، وهذا متناقض، والدَّيْن لا يتعيّن إلاّ بالإيفاء، وليس التعيين إيفاءً.

ولو كان نذر الرجل أن يعتق عبداً، ثم قال: عيّنت هذا العبدَ لنذري، ففي المسألة وجهان كالوجهين في الضحية.

ولو قال الرجل مبتدئاً: لله علي أن أضحي بهذه الشاة، فالتضحية تلزمه، ولكن هل تتعين الشاة؟ فعلى وجهين مرتبين على ما إذا قدم النذر التزاماً، ثم ابتدأ بعده التعيين، والصورة الأخيرة أولى بثبوت حكم التعيين لها؛ فإنه لم يجرد الالتزام، بل قرنه بالتعيين، فرجع الالتزام إلى الإخبار عن لزوم التعيين، والتعيينُ مما يثبت لو تجرّد.

ولو قال: لله عليّ أن أعتق هذا العبد، فيلزمه العتقُ على الجملة، ولكن هل يتعين العبد المعيّن للوفاء؟ فعلى وجهين، قال المحققون: العتق أولى بالتّعيين؛ من جهة أن للعبد حقاً، وحظاً في العتق؛ فإذا عيّنه للاستحقاق، ظهر وجوب الوفاء، والضحية لا حق لها في تعيينها.

ولو عيّن دراهم فقال: لله عليَّ أن أتصدّق بهذه الدراهم، ففي تعيينها وجهان مرتبان على الأضحية، وهي أولى بألا تتعين؛ فإنه لا فائدة في تعيينها، والشاة قد يفرض في تعيينها فائدة، من حسنٍ، وكبرٍ، وسمن، فيجوز أن يؤثر التّعيين فيها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015