المذبوح قبل الأخذ في قطع المذبح أم لا، فكيف السبيل، وما المسلك الذي نعتمده في التحريم والتحليل؟
فالذي نقله المزني، وذهب إليه جمهور الأصحاب اعتبار الحركة، ومعناها أنا نقطع الحلقوم والمريء بعد تقدم ما صوّرناه من الأسباب المفضية إلى الإشكال، وننظر: فإن تحركت الشاة بعد استكمال قطع الحلقوم والمريء، تبيّنا أنها لم تكن منتهية إلى حركة المذبوح قبل الأخذ في قطع المذبح، وإن لم تتحرك بعد قطع الحلقوم والمريء، تبينا أنها كانت ماتت أو انتهت إلى حركة المذبوح قبل الأخذ في قطع المذبح.
هذا ما اعتمده المزني وطوائف من الأصحاب واعترض عليه صاحب التقريب محقاً، فقال: لا تعويل على التحرك بعد قطع المذبح بدليل أن الشاة التي لا آفة بها إذا قطعنا منها الحلقوم والمريء وأخذت في الاضطراب الشديد، فلو بقرنا على الفور بطنها وأبنّا حُِشوتها، فقد تتحرك بعد ذلك، وإن كان إبانة الحُِشوة مذففاً كقطع الحلقوم والمريء، فإذا كان كذلك، فلا تعويل على الحركة؛ فإن البهيمة قد تنتهي إلى حركة المذبوح بسببٍ يوجب ذلك، ثم يقع بها مذفف، فتتحرك بعده.
ولا تعويل قطعاً (?) على إنهار الدم وإن ضري به عوام الناس؛ فإن البهيمة بعد انتهائها إلى حركة المذبوح بقطع الحلقوم والمريء يتدفق منها الدم زمناً طويلاً، ورقبة الإنسان تحزّ بالسيف المرهف ثم ينذرف الدم من بعد [زمان] (?) منفصلٍ محسوسٍ، فلا وجه لاعتماد الحركة، واتخاذها معتبراً في النفي والإثبات.
وإذا كان كذلك، فالوجه أن نقول: إذا استيقنا حياة مستقرة عند ابتداء الأخذ في القطع، قطعنا بالتحليل على الترتيب الذي ذكرناه في رعاية الإسراع، وإن استيقنا مصير البهيمة إلى حركة المذبوح قبل الأخذ في قطع المذبح، قطعنا بالتحريم. وإن لم نعلم حالها، طلبنا غلبة الظن بعلاماتٍ لا تدخل تحت الوصف، بل تنزل منزلة قرائن الأحوال التي لا يضبطها الوصف، كعلامات الخجل والوجل والغضب ونحوها،