أبين من الأذن فِلقة ظاهرة، بحيث تبدو للناظر من غير تأمل، والذي تحصّل لنا في ترتيب المذهب طرقٌ: أصحها وأحسنها ترتيباً أن نقول: إذا أبين جزء من الأذن امتنع الإجزاء، وإذا شَرَقَ وخَرَق، ففي امتناع الإجزاء وجهان: ما ذهب إليه الأكثرون أنه لا يمتنع، إشارةً إلى أن الأذن مأكولة على الرؤوس، فإذا لم يُبَن منها شيءٌ، فالعضو باقية مهيأة للأكل، وإذا أبين منها شيء، فقد نقص ما يؤكل من العضو، وذهب القفال إلى منع الإجزاء واعتل فيما نقله الصيدلاني وغيره بأن قال: الأذن إذا شَرَقَت، فما يبرز بالخَرَق والشَّرَق ثم يلتئم، يصير موضع الالتئام جلداً، وكان في التواصل الخلقي في معنى اللحم، فكان ذلك مؤثراً.
هذا ما نقله أصحاب القفال عنه، وللبحث انعطاف عليه، كما سنصفه، إن شاء الله تعالى.
وقال قائلون من الأصحاب: الشَّرقاء والخرقاء، والمقابَلة والمدابَرة، إذا لم يُبن شيء من آذانها لا يمتنع إجزاؤها، ولكنا نؤثر ألا يكون كذلك، فأما إذا أُبين من الأذن جزء كبير بالإضافة إلى الأذن، فلا إجزاء، وإن قلَّ، فوجهان، وهؤلاء يعتبرون اللحم، ويقولون: الفلقة الصغيرة تحذف من الرؤوس المشويّة وترد الآذان إلى ما يُعتاد ويستطاب أكله، والأطراف تصير كالمستحشفة الجاسية (?)، ومضمون هذا يقتضي ألا يؤثر في الإجزاء إلا القطعة الكبيرة.
ولا يتصور ضبط القول فيه إلا بالتنبه لأصل عظيم، وهو أن النهي عن العجفاء والمذكورة معها في القسم الأول منقول عن المصطفى صلى الله عليه وسلم، فلزم اتباع ما صح النقل فيه، والنهي عن الشرقاء والخرقاء موقوف على عليٍّ رضي الله عنه، وقوله: " أمرنا باستشراف العين والأذن " كلامٌ مبهم لا يمكن [أن يَستدَّ على تحقيق] (?) وقد ورد في الحديث النهي عن المصلومة، والمستأصلة، وهذا يشعر إشعاراً بيّناً بالإجزاء مع قطع البعض.