إلى اللحم؛ فإن المرض إذا بان وظهر، ظهر بحسبه العَجَف والهزال، وهذا صريح في أن عدم المرض لا يؤثر، والجرباء وإن ورد ذكرها في الخبر في معنى المريضة.
ثم لو فرضَ فارضٌ مريضة مرضها بيّن، ولم تبلغ بعدُ في الهزال مبلغاً لا تُنقي البهيمة المتصفة به، فالوجه القطع بأنها لا تُجزىء، ولو كان المرض يعني العَجَفَ، لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتصر على العجفاء من بين هذه الصفات، فإذا ذكر العجفاء وذكر المريضة، تضمن تعديدُ هذه الصفات أن كل صفة في نفسها معتبرة معنية في المنع عن الإجزاء، ويمكن أن يقال: إذا بان المرض، فسد اللحمُ، وصار مضراً، فلحم المريضة إذا بان مرضها، كلحم العجفاء التي لا تُنقي.
وأما الجرباء، فقد قال شيخي: أدنى الجرب يُفسد اللحم، فهو في معنى المرض البيّن، وهذا أراه متروكاً عليه؛ فإن أدنى الجرب لا يظهر أثره [في اللحم] (?) ومهما (?) بدا شيء منه في طرف من أطراف البهيمة، لم يظهر أثره في اللحم. نعم، إذا عم، أو ظهر ظهوراً فاحشاً، فهو يُهزل إهزال المرض، ولا يبعد أن يفسد اللحم، فلا بد وأن يكون بيّناً، كما ذكرناه في المرض.
وأما التولاء، فإنها لا ترعى رعياً معتبراً، وإذا استحكم ذلك بها، بان هزالها على القرب.
وأمّا العرجاء، ففي الحديث التقييد بالعرج البيّن، وهذا دليل ظاهر على أن أدنى منازل العرج لا يمنع الإجزاء، كما ذكرناه في المرض. ثم قال العراقيون: العرجاء التي لا تُجزىء، هي التي لا تقدر على المشي، وهذا اللفظ فيه تجوُّز؛ فإنّ الّتي لا تقدر على المشي هي الزَّمِنة التي لا تعمل إحدى قوائمها، وإنما تزحف، ولا يشترط انتهاء العرج إلى هذا الحد، ولكن العرج البيِّن هو الّذي يؤثر أثراً بيّناً في المنع من التردد على المرعى، والنَّعم لا تأخذ حظوظها إلا بالتداور؛ فإن ما بالقرب منها ينفد على القُرب، وقد لا تصادف في كل وقت في مراعيها رياضاً أُنفاً، بل الغالب احتياجها إلى التردد، فإذا ظهر العجز عن التردد، ظهر بحسبه نقصان العَلف،