عليه ما يورد عليه من الصور، إن شاء الله تعالى.
11568 - وقد حان أن نعود إلى مسألة الصّيد فنقول: إذا رمى الأولُ وأزمن الصّيد وملكه، ثم رمى الثاني، ولم يُصب المذبح، فيصير الصّيد ميتة، فإن كانت الجراحة الثانية مذففة في غير المذبح، فالإماتة مضافة إليها بالكلية؛ فإنا تحققنا أن الموت حصل بها، وانقطع بها سريان الجرح الأول المزمن، فنقول: أفسد الثاني الصّيد المزمَن، فعليه قيمة الصّيد مزمَناً، ولا يجوز تقدير الخلاف في هذه الصورة.
فأما إذا لحق الجرح الثاني، ولم يكن مذففاً، وحصل الموت في ظاهر الظن بالجرحين، غير أن الأول ملك الصَّيد، فلا يُتصور في حقه غرم، والثاني جانٍ ملتزم للغرم.
وحاصل ما ذكره الأئمة بعد تحقيق التصوير أوجهٌ، نسردها، ثم نوجه البحث عليها: فمِن أصحابنا من قال: على الجارح الثاني في الصورة الأخيرة تمام قيمة الصَّيد مزمَناً مجروحاً الجرح الأول، وليس ذلك كما لو جنى السَّيد على عبد نفسه، ثم جنى أجنبي عليه من بعدُ؛ فإنا قسطنا القيمة في تلك المسألة، وذكرنا الأوجه الخمسة في كيفية التقسيط، والأصل متفق عليه، والفرق أن الجراحة الأولى وإن صدرت من المالك، فلا خير فيها ولا صلاح، وإنما هي جراحة من المالك يُتلف ملكَه، فساوت جراحةَ الأجنبي في الإفساد، وإن خالفته في أن المالك لا يضمن شيئاً، والجراحة الأولى في الصَّيد مملِّكة مفيدةٌ، ولو أفضت إلى الموت، لم يفت الصّيد بها على الجملة، وجرحُ الثاني هو المفسد على الحقيقة المفيت، والغرم يتبع الإفاتة والإفساد، وهو بجملته من الثاني. هذا وجهٌ.
ومن أصحابنا من قال: لا يغرم الرامي الثاني تمام القيمة، ولكن تُوزّع القيمة على الجرحين؛ فإن الموت حصل بهما، فيتنزل هنا منزلة جرح المالك للعبد مع جرح غيره له بعده، وهذا القائل مكتفٍ بظاهر التشبيه، والوجه الأول مستمسك بالفقه، وإن كان يحتاج إلى مزيد تفصيل.
ومن أصحابنا من قال: نفصل، وننظر: فإن رمى الثاني، ومات الصيد قبل أن يقدر الرامي الأول على ذبحه في المذبح مع جِدّه في الطلب، فعلى الرامي الثاني تمامُ