دينار فيما قرّرناه، ثم ما يبقى من القيمة بعد حط الأرشين عنهما يقسم على الجارحَيْن نصفين، فيخرج منه أن الأول يلتزم ديناراً، وهو أرش جراحته، والثاني يلتزم ديناراً وهو أرش جراحته، والباقي وهو ثمانيةُ دنانير عليهما نصفان، فيغرم الأول إذاً خمسة دنانير عن حساب الأرش وما يصيبه من القيمة، وكذلك الثاني.
ووجه هذا الوجه أن جراحة كل واحد منهما أثرت في تنقيص [القيمة] (?) فاستبد كل واحد بأرش النقص المحال على جراحته، ثم القتل بعد هذا الاعتبار يقع بسراية الجراحتين على مقتضى الاشتراك، فيقتضي استواءَهما فيما يقابل الموت.
11562 - والوجه الثاني - أنه يجب على الأول خمسةُ دنانير، ويجب على الثاني أربعة دنانير ونصف، ووجهه أن اعتبار الأرش والجراحتان ساريتان أفضيتا في العاقبة إلى الهلاك باطل؛ فإن النظر إلى الأرش إنما يتجه عند فرض الاندمال وخروج الجراحات عن كونها قتلاً، وهذا أصل متمهد في الجنايات على الأحرار والعبيد والبهائم، فإذا بطل اعتبار الأروش، لم يبق إلا النظر إلى انتسابهما إلى القتل، وإذا كان كذلك، فالأول صدرت منه الجناية وقيمة العبد عشرة، فألزمناه نصف القيمة بحساب العشرة، والثاني جنى وقيمة العبد تسعة -وقد أبطلنا اعتبار الأرش- فنُلزمه نصف قيمة العبد يوم الجناية، وهي أربعة ونصف، وما ذكره هذا القائل من إسقاط الأرش وإبطال اعتباره فقيهٌ، ولكن أداء الوجه إلى إسقاط نصف دينار من قيمة العبد، وهما الجانيان، ولا سبب سوى جنايتهما محالٌ، على ما سيصرح البحث إن شاء الله.
11563 - والوجه الثالث -وهو منسوب إلى اختيار القفال- أنا نوجب على الأول خمسة دنانير ونصفاً، ونوجب على الثاني خمسة دنانير، وتعليل ذلك أن جناية الأول نقصت من القيمة ديناراً، وكذلك جناية الثاني، وانتسب كل واحد منهما إلى قتل نصف العبد، فقلنا: يسقط نصف الأرش في حق كل واحد باعتبار انتسابه إلى قتل النصف، والقاتل لا يغرم بحساب الأرش، ولا يندرج نصف الأرش في حق كل واحد